وفي " زاد المعاد " عن ابن عبد البر: " لا خلاف في حلوان الكاهن أنه ما يعطاه على كهانته، وهو من أكل المال بالباطل، والحلوان في أصل اللغة: العطية ".
وقال إثره: " وتحريم حلوان الكاهن تنبيه على تحريم حلوان المنجم والزاجر وصاحب القرعة التي هي شقيقة الأزلام وضاربة الحصى والعراف والرمَّال ونحوهم ممن تطلب منهم الأخبار عن المغيبات، وقد نهى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن إتيان الكهان، وأخبر أن من أتى عرافاً، فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل عليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ولاريب أن الإِيمان بما جاء به محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبما يجيء به هؤلاء لا يجتمعان في قلب واحد، وإن كان أحدهم قد يصدق أحياناً؛ فصدقه بالنسبة إلى كذبه قليل من كثير، وشيطانه الذي يأتيه بالأخبار لا بد أن يصدقه أحياناً، ليغوي به الناس ويفتنهم به، وأكثر الناس مستجيبون لهؤلاء مؤمنون بهم، ولا سيما ضعفاء العقول؛ كالسفهاء والجهال والنساء وأهل البوادي ومن لا علم لهم بحقائق الإِيمان؛ فهؤلاء هم المفتونون بهم، وكثير منهم يحسن الظن بأحدهم، ولو كان مشركاً كافراً بالله مجاهراً بذلك، ويزوره، وينذر له، ويلتمس دعاءه، فقد رأينا وسمعنا من ذلك كثيراً، وسبب هذا كله خفاء ما بعث الله به رسوله من