للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن لأحد حقّاً على الله في جلب النفع ودفع الضر، وأن الصالحين مع الله تعالى كالوزراء مع الملوك؛ يحملونهم على فعل ما لم يكونوا مريدين لفعله، ومن اعتقد هذا، فقد وقع في صريح الشرك، وجعل إرادة الله حادثة تتأثر بإرادة غيره، وعلمه حادثاً يتغير لعلم المخلوق.

• التفرقة بين الجاهل والعالم في مقام الاحتياط:

وقد عهدت التفرقة بين العالم والجاهل في الأحكام التي يدخلها الاحتياط، فترى الفقهاء يكرهون للجاهل دون العالم الاقتصار على غسلة واحدة فيما يطلب تثليثه، خشية أن تبقى به لمعة، قال ناظمهم:

وَكَرِهُوا وَاحِدَةَ فِي الْغُسْلِ ... إِلَّا لِعَالِمٍ كَذَا فِي النَّقْلِ

وسند هذه التفرقة ما رواه مسلم وأبو داود والنسائي؛ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ خَطِيباً يَقُولُ: مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا؛ فَقَدْ غَوَى. فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بِئْسَ خَطِيبُ الْقَوْمِ أَنْتَ، قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» (١٤٠).

فأنكر - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الخطيب الجمع بين الله ورسوله في ضمير واحد، وثبت عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجمع بينهما في عدة أحاديث؛ منها: ما أخرجه أبو داود من قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؛ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا؛ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ» (١٤١)،


(١٤٠) أخرجه مسلم (٢/ ٥٩٤/ ٨٧٠)، وأبو داود (١/ ١٧٢)، والنسائي (٦/ ٩٥٠) من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.
(١٤١) ضعيف: أخرجه أبو داود (١/ ١٧٢) من طريق أبي عياض عن ابن مسعود أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كان إذا تشهد قال: الحمد لله نستعينه، و ... " فذكره وزاد: " ولا يضر الله شيئاً ".
وإسناده ضعيف لجهالة أبي عياض- وهو المدني- كما في " الميزان " (٤/ ٥٦٠)، و " التقريب " (٢/ ٤٥٨)، وقال المنذري في " مختصر السنن " (٣/ ٥٥): " في إسناده عمران بن =

<<  <   >  >>