والدعاء بهذا المعنى يصدق بالاستعاذة [والاستعانة] والاستغاثة وغيرهن مما فيه معنى الطلب؛ لأنها طلب العوذ والعون والغوث؛ كاستنصره واستصرخه واستعداه: إذا طلب نصره وصراخه وعدواه، والعوذ: الالتجاء إلى آخر والتعلق به على معنى الامتناع به من المكروه، والغوث والعون والصراخ والعدوى- بالفتح كلها- تحمل معنى النصر والتقوية، تقول: استعذته واستعذت به فأعاذني، واستعنت به فأعانني، واستغثته واستغثت به فأغاثني، واستنصرته فنصرني، واستعديت الأمير على الظالم فأعداني، واستصرخت ابن العم فأصرخني.
ويتضمن الدعاء وجود المدعو وغناه وسمعه وجوده ورحمته وقدرته؛ إذ لا يدعى المعدوم ولا الفقير ولا الأصم ولا البخيل ولا القاسي ولا العاجز.
• صفات المدعو الدعاء العادي:
فإذا طلبت العوذ أو العون أو أمراً آخر من المخلوق القادر عليه عادة، لم يكن طلبك عبادة، فلم يختص بالله، ولم تكن به مشركاً، وكذلك إذا نسبت شيئاً من ذلك لغير الله [لكونه] سبباً عاديّاً فتقول: استعذت بالحاكم من الظالم، واستغثت بالجيران على اللصوص، واستصرخت ذا الغيرة على المغير.
• ما جاء في الدعاء العادي:
وقالوا:" الصوم عون على العفة "، وفي المثل:" عبد صريخه أمة "، وقال الله تعالى:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ}[البقرة: ٤٥]، {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة: ٢]، {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}[القصص: ١٥]، {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ}[الأنفال: ٧٢].
• الدعاء الديني:
وإذا كان المطلوب لا يقدر عليه إلا من له قوة غيبية، وهو فوق الأسباب