قدمنا الخبر عن شرك قوم نوح لما كانوا أئمة المشركين وقدوتهم الأولين، وأعقبناه بشرك قوم إبراهيم؛ إذ كانت وثنيتهم مركبة من وثنية قوم نوح، والضلال في درس الطبيعة، واقتفاء خيال الشعر دون الاكتفاء بحقائق العلم، وقفينا على ذلك بشرك العرب؛ لأنه متصل بالفريقين بأوثق سبب، وختمنا به هذا الحديث، لانتهائه ببعثة خاتم النبيين، الذي بشريعته ندين، ومنها تعرفنا أخبار المشركين.
• علاقة العرب بإبراهيم وقومه وقوم نوح:
شرك العرب متحد النوع بشرك قوم نوح، حتى إن أوثان أولئك وقعت إلى هؤلاء، وسبب ابتداع الشركين واحد عند الفريقين، وللعرب اتصال بالكلدانيين، فإن الجميع أبناء سام، ولغاتهم متحدة الأصل، ولهم علاقة خاصة بإبراهيم؛ فهو جد العدنانيين، ومن بني عمومة القحطانيين، ثم هو الذي رفع قواعد البيت معقد عزهم ومنتهى فخرهم (*)، وترك بينهم ابنه إسماعيل ظهيره في مأثرة بناء الكعبة، ينشر فيهم الحنيفية، وينثر عليهم مما في صحف إبراهيم