للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• حكم إضافة علم الغيب للمخلوق:

وقد بسط القول في تحليل مفاتح الغيب أبو بكر بن العربي في " أحكامه " أول سورة الأنعام، وحكم بكفر من ادعى علم واحدة منها؛ إلا من استند في الساعة إلى أماراتها التي أخبر بها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو من جرى في تعيين ما في الرحم من ذكر أو أنثى على تجربة عادية لم يوجبها في الخلقة، أو من أخبر بالكسوف والخسوف اعتماداً على الحساب، لكن هذا الحاسب يؤدب ويسجن لإِدخاله الشك على العامة في تعليق العلم بالغيب المستأنف، وهم لا يدرون قدر الفرق بين هذا وغيره، فتشوش عقائدهم في الدين. هذا تحصيل كلامه رحمه الله.

وحكى ابن الحاج في " حاشيته على صغير ميارة " الاتفاق على كفر من يقول: إن الأنبياء يعلمون ما كان وما يكون إلى يوم القيامة. (٢/ ٥٩).

ونقل ابن حجر الهيتمي في رسالته " الإِعلام بقواطع الإِسلام " عن الرافعي وغيره كفْر من ادعى علم الغيب، لكنه بحث في هذا الإِطلاق، وقيده بمن ادعى الغيب في سائر القضايا دون من ادعاه في بعضها، وجرى على هذا التفصيل في " فتاويه الحديثية " أيضاً، وهي تفرقة حمله عليها حكايات عن الأولياء، رآها من قبيل علم الغيب، ولكن الصحيح من تلك الحكايات لا يتناوله علم الغيب، والذي يدخل منها فيه لا يقوم له سند، والصواب الإِطلاق، وهو الذي يتمشى مع إطلاق الكتاب والسنة.

قال أبو إسحاق في " الموافقات ": " وقد تعاضدت الآيات والأخبار وتكررت في أنه لا يعلم الغيب إلا الله، وهو يفيد صحة العموم من تلك


=
وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: ٦٧]. قالت: ومن زعم أنه يُخبر بما يكون في غَدٍ؛ فقد أعظم على الله الفِرية، والله يقول: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: ٦٥].

<<  <   >  >>