علمنا من الفصول السابقة شدة حاجة المسلم إلى معرفة الشرك ومظاهره، وضعف عناية المؤلفين في تخصيص هذا الموضوع بالتأليف وجمع مسائله في سفر، وأدركنا حسن غرض المصلحين من إثارة الحديث فيه، ووقفنا على وجه دعوتهم إلى الكتاب والسنة، وحجتهم في وعظ المسلمين بما نزل في أهل الكتاب والمشركين، وتلك نواح تضطر النصوح الواقف على حالة أهل عصره النفسانية إلى تقديم القول فيها على المقصود بالذات، ولو أفضى إلى إطالة المقدمات، والخروج بها عن معتاد أمثالها، بالإِضافة إلى فصول الموضوع، فإن الغرض من تلك المقدمات تهيئة الأفكار إلى قبول ما نعرضه عليها من حقائق الدين بنبذ ما يفرض عليها من بوائق المعتدين، ولا تثبت تحلية إلا عن سبق تخلية.
والآن نبتدئ حديثنا عن الشرك ببيان أسبابه وذرائعه وآثاره وطبائعه.
• ذم الشرك:
الشرك أمّ (*) المساوئ وكلية الرذائل ومعمل الموبقات؛ فهو معصية لا تجدي معها طاعة، ومنقصة لا يجزي عنها كمال، وضعة لا يقوم منها عز، وسفه
(*) كذا في الطبعة الأولى، وفي " البصائر ": " أبو "!