روحه وأخذت مني الثمن، فما يكون جوابه؟! وكيف يحكم الناس على هذه الدعوى؟!
وقد نسب ابن تيمية القول بالاستمداد من الأرواح إلى الملاحدة من الفلاسفة، وشرح فلسفتهم فيه، فقال في " رسالة التوسل والوسيلة ":
" يزعمون أن المؤثر في حوادث العالم هو قوى النفس، أو الحركات الفلكية، أو القوى الطبيعية؛ فيقولون: إن الإِنسان إذا أحب رجلًا صالحاً قد مات- لا سيما إن زار قبره-؛ فإنه يحصل لروحه اتصال بروح ذلك الميت فيما يفيض على تلك الروح المفارقة من العقل الفعال عندهم أو النفس الفلكية، يفيض على هذه الروح الزائرة المستشفعة، من غير أن يعلم الله بشيء من ذلك، بل وقد لا تعلم الروح المستشفع بها ذلك، ومثلوا ذلك بالشمس إذا قابلها مرآة، فإنه يفيض على المرآة من شعاع الشمس، ثم إذا قابل المرآة مرآة أخرى؛ فاض عليها من تلك المرآة، وإن قابل تلك المرآة حائط أو ماء؛ فاض عليه من شعاع تلك المرآة؛ فهكذا الشفاعة عندهم، وعلى هذا الوجه ينتفع الزائر عندهم، وشي هذا القول من أنواع الكفر ما لا يخفى على من تدبره، ولا ريب أن الأوثان يحصل عندها من الشياطين وخطابهم وتصرفهم ما هو من أسباب ضلال بني آدم "[ص:٢٢].
• قطع السلف لاتخاذ المزارات:
وقد علمت الحكم في البناء على القبور وحكمته، وأجمع الصحابة على العمل به، فلم يبنوا على الأمكنة التي جلس فيها الرسول في أسفاره إلى الحج والعمرة والغزو، وهم عالمون بها، وشديدو الحب له، ولم ينوطوا بشجرة الرضوان ولا غيرها خيوطاً وخرقاً، ولا وضعوا تحتها مباخر ومصابيح، ولا قبَّلوا غير الحجر الأسود أو تمسحوا بشيء من غير أركان البيت، بل نهى أمير المؤمنين