وقد جاء الإِسلام بوجوب توحيد الله والإِخلاص له في جميع الأعمال، ما كان منها عادة، وما كان منها عبادة.
وقد قرر أبو إسحاق الشاطبي في كتاب " المقاصد من الموافقات " كليات لها تعلق بهذا الموضوع، وشرحها وبسط القول فيها، ونحن نثبتها للاستدلال بها لا لشرحها وتقريرها:
الكلية الأولى: إن المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبداً لله اختياراً كما هو عبد لله اضطراراً.
الثانية: إن المقاصد الشرعية ضربان: مقاصد أصلية، ومقاصد تابعة، فالأولى هي الفروض التي لا حظ فيها للنفس، والأخرى هي المباحات العادية التي روعي فيها حظ المكلف.
الثالثة: إن العمل إذا وقع على وفق المقاصد التابعة؛ فلا بد أن تصاحبه المقاصد الأصلية، ومعنى ذلك: أن تكون الأعمال العادية المباحة معمولة على مقتضى المشروع، لا يُقصد بها عمل جاهلي ولا اختراع شيطاني ولا تشبه بغير أهل الملة، ومثَّل لذلك بقوله:" كشرب الماء أو العسل في صورة شرب الخمر، وأكل ما صنع لتعظيم أعياد اليهود أو النصارى وإن صنعه المسلم، أو ما ذبح على مضاهاة الجاهلية، وما أشبه ذلك مما هو نوع من تعظيم الشرك "(٢/ ٢٠٨).
الرابعة: إن كل من ابتغى في تكاليف الشريعة غير ما شرعت له؛ فقد