ذلك الهم- لا يمنع العاملين لتمثيله، ولا يحول بينهم وبين طرق تحصيله؛ فلن تجد كالدين الخالص مصنعاً للعقول التي تسع الإِنسانية عدلًا، وللقلوب التي تسع الشعوب إخاءً، وللألسنة التي تسع الحياة صدقاً.
• الجمع بين التوحيد والوثنية في النفس الجاهلة:
هذه آيات التنزيل، ليس لتكررها في موضوع الشرك مثيل، وهذه أحاديث الرسول، تحذر من كل ما هو منه بسبيل، ألا تدل تلك العناية على أن جناية الشرك أفظع جناية، وأن وقاية المجتمع منه أمتع وقاية؟
ليس العجب- لو كنا نسمع أو نعقل- من حديث العلماء في الشرك وبيانهم له، إنما العجب من سكوتهم عنه حتى يتسرب إلى نفوس الموحدين، ويجري على ألسنتهم؛ ممتزجاً بما يتلى في شأنه من القرآن، فتجتمع في ذات واحدة دواعي الضعف والقوة، وتظهر على نفس واحدة أعراض التفرق والوحدة، ويجري من لسان واحد أجاج الجهل وعذب الحكمة، ثم تجد الناحية الفاسدة من يتعاهدها بالفساد حتى تطغى، وتفقد الجهة الصالحة من يغذيها فتفنى.
ولنورد بعض ما جاء في سوء أثر الشرك في الفرد والمجتمع، مقابلًا بحسن أثر التوحيد فيهما، زيادة في تصور ضرر الشرك.
• وصف الكتاب للشرك:
١ - قال تعالى:{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ}[آل عمران: ١٥١]؛ فأفادت الآية أن المشرك في الدنيا ذليل رعديد، وجزاؤه في الأخرى الخزي والعذاب الشديد.