وقال ابن الحاج في " حاشيته على صغير ميارة ": " يتعين فرض الكفاية بالشروع فيه، أي: يصير فرض عين على الأصح، حتى طلب العلم لمن ظهرت فيه قابلية من نجابة، قاله سحنون، خلاف ما عند المحلي "(١/ ١٥٥)، وما قاله في طلب العلم مثله في " أحكام القرآن " لابن العربي (١/ ١٢٢).
• تأكيد حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
فأما قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}[المائدة: ١٥٥]؛ فقال النووي في " شرح مسلم ":
" المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الآية أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به؛ فلا يضركم تقصير غيركم؛ مثل قوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام: ١٦٤]، وإذا كان كذلك، فمما كلف به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإذا فعله ولم يمتثل المخاطب؛ فلا عتب بعد ذلك على الفاعل، لكونه أدى ما عليه؛ فإنما عليه الأمر والنهي لا القبول، والله أعلم ".
وفي " الدر المنثور ": " وأخرج الترمذي وصححه وابن ماجه وابن جرير والبغوي في " معجمه " وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في " الشعب " عن أبي أمية الشعباني، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الآيَةِ؟ قَالَ: أَيَّةُ آيَةٍ؟ قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}[المائدة: ١٠٥] قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «بَلْ ائْتَمِرُوا بِالمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ المُنْكَرِ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا، وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ؛ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ، وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ العَوَامَّ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أيَّامَ الصَّبْرِ