استساغته جاهلية العرب في تعويض الغنم بالظباء؛ فالعرب مع أصنامهم أقل هيبة من هؤلاء مع أوليائهم، وإن تساوى الفريقان في حق من ألَّهوه أكثر من اعتبار حق الإِله الحق، ذلك أن جاهليتنا على شدة اهتمامها بحق أوليائها منها من لا يبالي مع ذلك بالصلاة أو بالزكاة أو بهما معاً، ومن صلَّى وزكَّى لا ينكر على تاركهما ما ينكره على من تراخى في زيارة شيخ طريقة أو إقامة زردة أو أداء وعدة، وكذلك ما حكاه القرآن عن العرب في آياته:{وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا}[الأنعام: ١٣٦].
وقد جرّنا الحديث على الزردات في الفصل السابق إلى نقل أقوال العلماء في نذور العامة، فأتينا منها بما يكفي، ولكن لا نخلي هذا الفصل منها، فنثبت فيه ما قاله الصنعاني في " سبل السلام " زيادة في المقام، قال رحمه الله:
" وأما النذور المعروفة في هذه الأزمنة على القبور والمشاهد والأموات؛ فلا كلام في تحريمها، لأن الناذر يعتقد في صاحب القبر أنه ينفع ويضر، ويجلب الخير ويدفع الشر، ويعافي الأليم ويشفي السقيم، وهذا هو الذي كان يفعله عباد الأوثان بعينه؛ فيحرم كما يحرم النذر على الوثن، ويحرم قبضه لأنه تقرير [على] الشرك ويجب النهي عنه وإبانة أنه من أعظم المحرمات وأنه الذي كان يفعله عباد الأصنام، لكن طال الأمد، حتى صار المعروف منكراً والمنكر معروفاً، وصارت تعقد اللواءات لقباض النذور على الأموات، ويجعل للقادمين إلى محل الميت الضيافات، وينحر في بابه النحائر من الأنعام، وهذا هو بعينه الذي كان عليه عباد الأصنام؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون "(٤/ ٨٨).
• معنى الغفارة:
و (الغفارة) - بتخفيف الفاء-: ضرب من النذر، بل أقبح ضروبه، وهي معروفة في عملي الجزائر ووهران أكثر منها في عمل قسنطينة، وبيانها أنها وظيفة