فهذه دلائل وشواهد تريك صواب العلماء المجددين في تحذيرهم لإِخوانهم المسلمين، وتكشف لك عن غرض المبطلين وخطأ المعارضين.
ثم إنك تجد الإِسلام خاتمة الأديان، ونبيه خاتم النبيين، وكتابه خاتم الكتب، وهذه الأمة خاتمة الأمم، وهي من جنس تلك الأمم الماضية؛ تقسو قلوبها كما قست قلوبهم، وتفسد عقائدها كما فسدت عقائدهم، وتعصي كما عصوا، وتبتدع كما ابتدعوا؛ فهل من حكمة أحكم الحاكمين ورحمة رب العالمين أن يقصر ما عاب به من قبلنا عليهم، ويدعنا سدى من غير دليلٍ يعرفنا فسادنا وقبيح أعمالنا إذا نزل بنا ما نزل بالأمم قبلنا؟!
لقد أحاط ربك بكل شيء علماً، ووضع لكل حال حكماً، والقرآن الذي فضح من قبلنا هو الذي يفضحنا، والقرآن الذي هدى من تقدمنا هو الذي يهدينا.
ها قد نقضنا في هذا الفصل وسابقه طائفة من شبه الطرقيين ومن في معناهم، وهي شبه ظاهرها حماية الدين، وباطنها استخدام الدين لحماية منافعهم الخاصة، وإن الدين ليبرأ من تلك الحماية الظاهرة، وإن عقبى ذلك الاستخدام عليهم لوخيمة.
ولفتنة الناس بظواهر تلك الأقوال أطلنا في هذين الفصلين القول في نقضها، وسبق أن كتبنا في ردها بما عطل من صحف جمعية العلماء فصولاً، تحت عنوان:" آثار وأخبار ": أن حماية الدين لا تكون إلا بالعلم، وأن أصل علم الدين الكتاب والسنة، ولقد أجاد من قال: