القول في حديث المشركين الغابرين والمعاصرين، ولا تكاد تخلو سورة من هذا الحديث، ولا تكاد تجد غيره في سور كثيرة، وأول ما نزل الآيات الخمس الأول من سورة العلق؛ فلم تخل من الإِشارة إلى التوحيد، والتعريض بالوثنية؛ للأمر فيها بالقراءة باسم الرب، والتذكير بنعمه في الخلق والتعليم، وآخر ما نزل آية المائدة في إكمال الدين (*)؛ فسدّت باب الابتداع.
ومن أسلوبه الحكيم: جمعه في دعوته بين بيان التوحيد ومزاياه وإيضاح الشرك ودناياه، وبضدها تتميز الأشياء.
• عناية البعثة بمحاربة الشرك:
وهذه أطوار البعثة من حين الأمر بالإِنذار المطلق في سورة المدثر، إلى الأمر بإنذار العشيرة، إلى الأمر بالصدع بالدعوة، إلى الأمر بالهجرة، إلى الإِذن بالقتال، إلى فتح مكة، إلى الإِعلام بدنو الحمام؛ لم تخل من إعلان التوحيد وشواهده، ومحاربة الشرك ومظاهره، ويكاد ينحصر غرض البعثة أولاً في ذلك، فلا ترك النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التنديد بالأصنام وهو وحيد، ولا ذهل عنه وهو محصور بالشعب ثلاث سنوات شديدات، ولا نسيه وهو مختف في هجرته والعدو مشتد في طلبه، ولا قطع الحديث عنه وهو ظاهر بمدينته بين أنصاره، ولا غلق باب الخوض فيه بعد فتح مكة، ولا شغل عنه وهو يجاهد وينتصر ويكر ولا يفر، ولا أكتفى بطلب البيعة على القتال عن تكرير عرض البيعة على التوحيد ونبذ الشرك، وهذه سيرته المدونة وأحاديثه المصححة؛ فتتبعها، تجد تصديق ما ادعينا، وتفصيل ما أجملنا.
• حكمة مشروعية العبادات:
وهذه أركان الإِسلام الخمسة؛ إنما شرعت كسائر العبادات، للاحتفاظ بالتوحيد، والابتعاد عن الوثنية: