وإطلاق الجواز بالغفلة أشبه، والتفرقة إلى التحكم أقرب، والمنع المطلق أحوط، ويتقوى بوجوه:
أحدهما: أن الدعاء عبادة، وهي لا تكون بالرأي والقياس، حتى إن الفقهاء لم يكتفوا بالنص العام لمشروعية أصل الدعاء، فعنوا ببيان المواضع التي يشرع فيها للمصلي الدعاء.
ثانيها: عدول عمر رضي الله عنه عن التوسل بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى دعاء العباس، والصحابة متوافرون، لم ينقل عنهم إنكار؛ لا في وجهه، ولا في غيبته.
ثالثها: فقد النقل عن السلف الصالح في التوسل بالذات؛ إلا آثاراً لم تصح، مع كثرة ما نقل عنهم من الأدعية المشروعة.
رابعها: عدم التناسب بين إجابة الداعي وذات غيره.
وبعد؛ فالمجيز للتوسل بالذات لم ينته به إلى تفضيله على بقية أقسام الدعاء المشروعة، والمانع له لم يصل به إلى دركة الشرك ما لم يقصد به معنى [ينافي] التوحيد؛ فما لهؤلاء الذين شنوا الغارة على منكر التوسل بالذات كأنه أنكر عقيدة في الدين مجمعاً عليها؟!
• التوسل بالجاه شرك أو ذريعة إليه:
والذي نقوله: إن هذا الضرب من التوسل إن لم يكن شركاً؛ فهو ذريعة إليه، وإن الحكم فيه ينبغي أن يفصل على وجه آخر، وهو أن يسلم هذا التوسل للعالم بالتوحيد وما ينافيه، حتى لا يخشى عليه من الشرك، وأن يحذر منه الجاهل المتعرض لمزالق الشرك، الخفيف إلى دواعي الوثنية؛ خشية أن يعتقد