وإن من المجددين في عصرنا، الظاهرين على الحق بمغربنا، رجالاً حباهم الله بمضاء ذكاء قطعوا به قيود الجمود، وأنعم عليهم بعزائم ثابتة زلزلوا بها راسيات الخرافات، وميزهم بهمم عالية فضحت أطماع المتزهدين؛ فسيماهم علم في مضاء ذكاء، وعمل في ثبات عزيمة، وسيرة في علو همة.
• رأس المئة الحاضرة لتجديد الدين:
تلك صفات رجال الإِصلاح الديني بوطن الجزائر، التي ظهروا بها في ميدان الدعوة بالكتاب والسنة إلى الكتاب والسنة، منذ سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة وألف، وهي من أوائل المئة الرابعة عشرة، بعد عصري النبوة والخلافة.
• أصناف المعارضين للتجديد:
وعلى تلك الصفات الثلاث تكسّرت نبال الأذى، ونبت شباة الشتيمة، وفلّ سلاح المعارضة من رؤساء في الدين جهال به، يزهدون الأتباع، ويحرصون على الابتلاع، ومن شيعة لهم طامعة في دينارهم، أو مغرورة بدثارهم، ومن سادة لهم هم المعمّرون، الذين يشبهونهم في شرب عرق الخدامين.
• بعض آثار التجديد:
وتحت لواء تلك الصفات؛ اجتمع كل نقيّ اللبّ تقيّ القلب؛ فكانت قوة اتحاد إلى قوة الحق والإِعراب عنه، حققت شيئاً من الآمال، وقضت على أنواع من الضلال، وتجلّت تلك القوة في تأسيس " جمعية العلماء المسلمين الجزائريين "، والمحافظة عليها، وتخليصها من عناصر الدجل والضعف.