تلك لوازم المحبة الشرعية، وخلافها المحبة الشركية، وهي كل محبة تغر في الدين وتبعث على الاكتفاء بها دون الجد في الصالحات وتحري المشروع منها، ولا تثمر ربط القلوب وصلتها بعضها ببعض إذا اتحدت على الشهادتين، ولا توجب النفور من كل من يحاول هدم تعاليم الإِسلام، ولا تدعو إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا تعود صاحبها على استعذاب العذاب في خدمة المبدإ الحق المجمل في الشهادتين، وهذه المحبة الشركية هي التي ردها الله على مشركي قريش وضلال اليهود والنصارى بآية آل عمران المتقدمة، وبقوله في المائدة:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ}[المائدة: ١٨].
ومن كلام الحسن البصري:" ابن آدم! لا يغرنك أن تقول: المرء مع من أحب؛ فإنك لن تلحق الأبرار إلا بأعمالهم، وإن اليهود والنصارى ليحبون أنبياءهم، ولا والله؛ ما يحشرون معهم، ولا يدخلون في زمرتهم، وإنهم لحطب جهنم هم لها واردون ". نقله ابن الجوزي في " رسالته "[ص:٣٢].
• فائدة المحبة الشرعية:
وقد أشارت هذه الآية إلى فائدة المحبة المشروعة، وأنها النجاة من العذاب، وأفاد حديث " الصحيحين " عن أنس رضي الله عنه؛ أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ»(١٠٥): فائدة أخرى، وهي أن من أنجته محبته؛ ألحقته
(١٠٥) رواه البخاري (١٠/ ٥٥٧/ ٦١٦٨ و٦١٦٩ و٦١٧٠)، ومسلم (٤/ ٢٠٣٤/ ٢٦٤٠ و٢٦٤١) عن عبد الله بن مسعود وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما، ولفظ حديث ابن مسعود عند مسلم: جاء رجلٌ إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فقال: يارسول الله! كيف ترى في رجل أحبّ قوماً ولمّا يلحق بهم؛ قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ».