للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والآيات الثلاث التي تلاها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تنتهي بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، والمخاطبون بقوله: " أَيُّكُمْ ": هم أصحابه لا المشركون.

• نطق الجاهل بالشهادتين لا يمنع عنه وصف الشرك:

وهذه الأدلة وما في معناها؛ كما تدل على أن تحذير المسلم من الشرك ليس حكماً به عليه، تدل أيضاً أن مجرد النطق بالشهادتين لا يطرد عن ساحة القلب شبح الشرك، ولا سيما نطق من لُقِّنَهما تقليداً عاديّاً خالياً من فهم معناهما، وإنما اعترف بهما بحكم الوسط لا باضطرار العلم (*).


=
إدريس عن عُبادة: " بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً "، وقد روى سفيان بن حسين الواسطي كلا الحديثين عن الزهري؛ فلا ينبغي أن ينسب إلى الوهم في أحد الحديثين إذا جمع بينهما، والله أعلم ". ووافقه الذهبي!!
قلتُ: سفيان بن حسين الواسطي " ثقة في غير الزهري باتفاقهم " كما في " التقريب "، وأمّا في الزهري فضعيف، قال ابن حبان في " المجروحين " (١/ ٣٥٤): " يروي عن الزهري المقلوبات، وإذا روى عن غيره أشبه حديثه حديث الأثبات، وذاك أن صحيفة الزهري اختلطت عليه؛ فكان يأتي بها على التوهم، فالإِنصاف في أمره تنكب ما روى عن الزهري والاحتجاج بما روى عن غيره ". وانظر: " ميزان الاعتدال " (٢/ ١٦٥ - ١٦٨) أيضاً.
نعم، قوله: " فمن وفى فأجره على الله ... " صحيح، مضى قبل هذا الحديث برواية " الصحيحين "، والله أعلم.
(*) وقد دخل في الإسلام أمَم من الروم والفرس والديلم والقبط ونحوهم مما لا يعرف لغة العرب فضلاً عن معنى الشهادتين؛ فهل توقَّف أحدٌ أو تردّد في الحكم بإسلامهم؛ بل الصواب الحكم بإسلامهم، ثم يُعرَّفوا بمعناها ومقتضاها، فإن أتى بما ينقضها بعد هذا التعليم والتعريف؛ فهو كافر مرتد. وفي " الصحيحين " قَتْل خالد بن الوليد لقوم لمَّا غزاهم خالد سجدوا وقالوا: صبأنا صبأنا. وامتنع ابن عمر - رضي الله عنه - من قتلهم ومنع أصحابه، فلما قدموا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد- مرتين-. فتّأمًل! لم يعرفوا حتى كيف يدخلوا في الإسلام وليس معناها فقط بل الشهادتين، وكان من أسلم يُسمَّى صابئ، ومما يميزهم السجود؛ فسجدوا وقالوا: صبأنا- أرادوا =

<<  <   >  >>