فإذا عرفنا الكرامة في اللغة؛ سهل علينا أخذ المعنى الشرعي منها، فتكون في الشرع عبارة عما يصل من الله إلى الولي ويظهر عليه من كل نافع عزيز نفيس شريف.
وقد اختلف علماء الكلام في تحديد هذا الواصل من الله إلى الولي، والمعروف عن الأشاعرة في ذلك ثلاثة أقوال على طرفين وواسطة، والطرفان لأبي إسحاق الإِسفراييني وأبي بكر الباقلاني، والواسطة لأبي القاسم القشيري.
• تحديد الأشاعرة للكرامة:
فأما أبو إسحاق؛ فيقول: إن الكرامة لا تبلغ مبلغ خرق العادة، وإنما هي إجابة دعوة، أو موافاة ماء في غير موقع المياه، أو مضاهي ذلك، وكل ما جاز معجزة لنبي؛ لم يجز كرامة لولي.
وضبط أبو الحسن الماوردي الشافعي ما يخرج عن العادة في عشرة أقسام، ومنع من ظهور أحدها على غير وجه الإِعجاز، حتى لا تلتبس المعجزة بغيرها، ولأن صدق النبي لا يعلم إلا بها، وغير النبوة من الأقوال والأفعال قد يعلم الصدق فيها بالعيان والمشاهدة. ذكر ذلك في رسالته " أعلام النبوة "[ص:٢٠ - ٢٢]
وأما الباقلاني ومن معه، فيقولون: كل ما جاز أن يكون معجزة لنبي، جاز أن يكون كرامة لولي من غير استثناء، ومنعوا الالتباس بما لا ضرورة بنا إلى بسطه.
وأما القشيري؛ فيقيد إطلاق الباقلاني وموافقيه:
قال في باب كرامات الأولياء من " رسالته ": " ثم هذه الكرامات قد تكون