للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينتقل منه إلى الميت؛ فإذا كانت قراءة القارئ ومجيئه إلى القبر إنما هو لأجل الجعل لم يقصد به التقرب إلى الله؛ لم يحصل له الثواب، فكيف ينتقل عنه إلى الميت وهو فرعه؛ وانتفاعه بسماع القرآن مشروط بحياته، فلما مات، انقطع عمله كله، واستماع القرآن من أفضل الأعمال الصالحة، وقد انقطع بموته، ولو كان ذلك ممكناً، لكان السلف الطيب من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أولى بهذا الحظ العظيم لمسارعتهم إلى الخير وحرصهم عليه، ولو كان خيراً؛ لسبقونا إليه " (٣/ ٤٢٢).

وفي " شرح الطحاوية ": " وأما استئجار قوم يقرؤون القرآن ويهدونه للميت، فهذا لم يفعله أحد من السلف، ولا أمر به أحد من أئمة الدين، ولا رخص فيه، والاستئجار عن نفس التلاوة غير جائز بلا خلاف، وإنما اختلفوا في جواز الاستئجار عن التعليم ونحوه مما فيه منفعة تصل إلى الغير، والثواب لا يصل إلى الميت إلا إذا كان العمل لله، وهذا لم يقع عبادة خالصة؛ فلا يكون ثوابه ما يهدى إلى الموتى، ولهذا لم يقل أحد: إنه يكتري من يصوم ويصلي ويهدي ثواب ذلك إلى الميت ... ومن قال: إن الميت ينتفع بقراءة القرآن عنه باعتبار سماعه كلام الله؛ فهذا لم يصح عن أحد من الأئمة المشهورين، ولا شك في سماعه، ولكن انتفاعه بالسماع لا يصح، فإن ثواب الاستماع مشروط بالحياة، فإنه عمل اختياري، وقد انقطع بموته، بل ربما يتضرر ويتألم لكونه لم يمتثل أوامر الله ونواهيه، أو لكونه لم يزدد من الخير " (ص ٣٨٦ - ٣٨٧).

وقد كانت مسألة القراءة على الموتى حديث المجالس في السنة الماضية؛ لإثارة الصحف (*) الدورية لها، حتى إنه ليتكرر عليك السؤال عنها في مجلس واحد، وكان ملخص جوابي فيها:

إن كلام الله أرفع الكلام، وإن تلاوته أفضل الأذكار، وإن الأذكار من


(*) انظر: جريدة " البصائر ": الأعداد: (١٦ و ١٧ و ١٨ و ١٩ و٢٠ و ٢٢ و ٢٣ و ٢٤ و ... ).

<<  <   >  >>