فالشيطان شيخه!! يريدون شيخ الطريقة الذي يزار بالكراع والدينار، ويتشددون في التزام ميثاقهم، ويبالغون في الإِنكار على من فارق طريقة إلى أخرى، ولكن شيخ الطريقة الأخرى يقبل المنتقل إليه بسرور، وقد كنت رأيت كتاباً للتيجانية يحكم مؤلفه بردّة من فارق طريقتهم، وسمى كتابه:" تنبيه الناس على شقاوة ناقضي بيعة أبي العباس ".
ونحن نشرح كلمات البيعة والعهد والميثاق بالمعنى الديني كما بينه الراغب في " مفرداته "، ثم نقفي عليها ببيان الحق فيما أناطوه بها من أحكام:
- فبيعة السلطان ومبايعته: التزام الطاعة له، وعدم الخروج عنه؛ قال تعالى:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}[الفتح: ١٨].
- والعهد: حفظ الشيء ومراعاته حالًا بعد حال؛ قال تعالى:{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}[الإِسراء: ٣٤]، وعهد الله: إما طبيعي، وهو ما ركزه في العقول، وإما شرعي، وهو ما أمر به في الكتاب والسنة، وإما وضعي، وهو ما يلتزمه المكلف وليس بلازم له في أصل الشرع؛ كالنذور.
- والميثاق: عقد مؤكد بيمين وعهد، قال تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ}[آل عمران: ٨١].
والتوسط بين العبد وربه لقبول توبته والعفو عنه أصل من أصول كفر اليهود والنصارى جاء الإِسلام برفعه ونفيه كما سبق في الفصل العاشر، وليس لأحد بعد الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يأخذ البيعة على أحد بطاعته والتوبة إلى الله؛ إلا أن يكون سلطاناً يقوم على جمع كلمة المسلمين وحفظ وحدتهم لإِظهار قوتهم.
وفي " الحاوي " للسيوطي: " مسألة: رجل من الصوفية أخذ العهد على رجل، ثم اختار الرجل شيخاً آخر، وأخذ عليه العهد؛ فهل العهد الأول لازم أم