ومما وقع وأنا بالأغواط أرشد الناس إلى ضلال هاته الطرق: أن أحد شيوخها ممن كان يتبرك بغبار سيارته اشترى داراً بسبعين ألفاً، وليس تحته فرنك منها، فخرج إلى من ألِفَ منهم الاعتقاد فيه، وقال لهم: الزاوية مدينة؛ فاجمعوا لها ما تؤدي به الدين. فأجابوه أن لك أربع ديار؛ فإذا بعتها وبقيت الزاوية مدينة؛ فنحن مستعدون لخلاصها من الدين. فكان هذا الجواب أول ما طرق سمعه على خلاف هواه!! مرابط عرفناه فقيراً، فلما أقبل الناس على زيارته، أصبح غنيّاً يتودد بغناه إلى الحكام.
ولم تكن الصوفية زمن القشيري على هذا الوصف في ابتزاز الأموال من النساء والرجال، ولو كانوا وكن في الفقر أحط مثال، ومع ذلك حذر منه، فقال آخر رسالته:" ومن شأن المريدين، بل من طريقة سالكي هذا المذهب، ترك قبول رفق النسوان؛ فكيف التعرض لاستجلاب ذلك؟! وعلى هذا درج شيوخهم، وبذلك نفذت وصاياهم، ومن استصغر هذا؛ فعن قريب يلقى ما يفتضح به ".