٢ - وقال على لسان نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}[الأنعام: ١٩]؛ فعطف على ضمير المخاطبين من المشركين من بلغه القرآن في زمنهم وبعد عصرهم.
٣ - وقال:{وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ}[الأنعام: ٥١]، والذين يخافون الحشر هم المؤمنون ومن هم مظنة الإِيمان ممن لم يطبع الله على قلوبهم؛ فلم تخص الآية المشركين بالإِنذار.
٤ - وقال بعد حكاية حادثة قوم لوط:{وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}[هود: ٨٣]؛ فسر البغوي الظالمين هنا بمشركي مكة أو ظالمي هذه الأمة، والجمع بين الوجهين غير ممتنع، وعلى كل حال دلت الآية على إلحاق المتأخر بالمتقدم في استحقاق عقوبته متى كان على مثل حالته.
وفسر ابن كثير الآية على التعميم، فجعلها بمعنى حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ»(٢٦). أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي، وحكي عن أبي حنيفة أنه يلقى من شاهق ويتبع بالحجارة كما فعل الله بقوم لوط.
فالآية دلت على أن ما أصاب قوم لوط غير خاص بهم، والحديث دل على تنفيذ حكمها فيمن أشبههم، وقول أبي حنيفة دل على مراعاة صفة التنفيذ.
(٢٦) صحيح: خرّجه- متتبعاً طرقه وشواهده، مبيّناً من صححه من الأئمة الحفاظ- الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى في رسالته " بلوغ المأمول في خدمة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "، المطبوعة ضمن كتابه " الحاوي للفتاوي " (٣/ ١١٠ - ١١٥)؛ فلتنظر بتعليقاتنا، والله الموفق.