للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو لم يكن شيء سوى الموتِ كا ... ن الزهدُ في الدنيا من الواجب

أو لم يكن موتُ لكانتْ همـ ... ـومُ الدهرِ تَنْفِي رغبةَ الراغب

فكيفَ والإِنسانُ من بعدِه ... مُناقَشْ من عالمٍ حاسِب

قد أنْذَرَ الوعظُ وأسْماعُنَا ... عن كلِّ ما يذكُر في جانب

آخر:

ومن عاش في الدنيا طويلا تَكررتْ ... عَليه مَسَراتٌ لَهَا وفَجائِعُ

لَعَمْرُكَ مَا سَاوَىَ البَقَاءُ أقلَّ مَا ... يُكَابِدُهُ فيها الفَتَى ويُصارِعُ

حَلا فهْوَ مِثْلُ الشهدِ في فَمِ ذائقٍ ... يَلَذُّ، وفي أثْنَائِهِ السُمُّ نَاقِعُ

يُسَرُّ امْرؤ بالكَسْبِ وهْوَ مُحقِّقٌ ... بأنَّ الذي يَحْوِي مَعَ الموتِ ضائِعُ

ويَحتالُ في دَفْعِ المَخوفِ وعُمْرُهُ ... تُمزِّقهُ سَاعاتُهُ وهْوَ وادِعُ

ويأمنُ حَمَلاتِ المنايا وعِنْدَهُ ... لآبائهِ مِن بَطْشِهنَّ مَصَارِعُ

تَغُولُ الملُوكَ الصِّيدَ قَسْرًا، ودُونَها ... عِتاقُ المَذاكِي والرِّمَاحُ الشَّوَارِعُ

حَياةُ الوَرَى سِجنٌ فِسيّانَ مُطْلَقٌ ... لَديها ومَن ضَاقَتْ عَليه الجَوامِعُ

وللنفسِ في تِلك القَناعةِ راحةٌ ... وعِزٌ ولَكِنْ لَيْسَ في النَّاسِ قانِعُ

ومَن كَانَتِ الآمالُ أقواتَ نَفْسِه ... تَطاولَ منها أكْلُهُ وهْو جَائِعُ

لَقَدْ نَطَقَتْ فينا الليالِي فأفْصحَتْ ... بِوَعْظٍ لَوْ انَّ الوَعْظَ لِلْمَرءِ نافِعُ

ولَكِنْ إذَا مَا صُمَّ قَلْبٌ فقلَّما ... تُفيدُ - وإنْ طالَ الكَلامُ - المَسامِعُ

ومن نَكَدِ الأيامِ فرقة مَوْطِنٍ ... نأى فنأى عنه الصديقُ المُطَاوِعُ

ولا سَيَّما أرْضٌ كأرْضِي، وأسْرة ... كَقَومِي وَعْيشٌ مِثْلُ عَيشىَ يانِعُ

ثلاثٌ إذَا عَدَّدْتُها لَمْ يكن لَهَا ... على صحةِ التقسيم في الفَصْلِ رَابعُ

سُرُوْرٌ ولذاتٌ صَفَتْ مِن كَبَائرٍ ... نَهتْها النُّهَى عن قُرْبِنا والشَّرائِعُ

خَلتْ هذه الآثارُ مِني ومَا خَلَتْ ... لَهَا مِن جَنَانِي في السُّوَيْدَا مَوَاضِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>