للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبُو العَتَاهِيَة:

مَنْ أحَسَّ لِي أهْلَ الْقُبورِ وَمَنْ رَأى ... مَنَ أحَسْهُمْ لي بَيْنَ أَطْبَاقِ الثْرى

مَنَ أَحَسَّ لِي مَنْ كُنْتُ آلَفُهُ وَيَأْ ... لَفُني فَقَدْ أَنْكَرْتُ بُعْدَ المُلْتَقى

مَنَ أحسَهُ لي إذْ يُعالِجُ غُصَّةً ... مُتَشاغِلاً بِعِلاجِهَا عَمِّنْ دَعَا

مَنَ أحَسِّهُ لي فَوْقَ ظَهْرِ سرِيرِهِ ... يَمْشي بِهِ نَفَرٌ إلى بَيْتِ الْبِلى

يا أيُّها الْحَيُّ الَّذي هُوَ مَيِّتٌ ... أفْنيْتَ عُمْرَكَ بِالتَّعَلُّلِ وَالْمُنى

أمَّا المَشيبُ فَقَدْ كَسَاكَ رِداءَهُ ... وَابْتَزَّ عَنْ كَتِفَيْكَ أثْوابَ الصِّبا

وَلَقَدْ مَضى القُرْنُ الِّذينَ عَهِدْتَهُمْ ... لِسَبيلِهِمْ وَلَتَلْحَقَنَّ بِمَنْ مَضَى

وَلَقَلِّ مَا تَبْقى فَكُنْ مُتَوَقّعًا ... وَلَقَلِّ مَا يَصْفو سُرورُكَ إنْ صَفَا

وَهِيَ السَِبيلُ فَخُذْ لِذلِكَ عُدَّةً ... فَكَأَنَّ يَوْمَكَ عَنْ قَريبٍ قَدْ أَتى

إنَّ الْغنِى لَهُوَ الْقُنوعُ بِعَيْنِهِ ... مَا أَبْعَدَ الطَّبِعَ الْحَريصَ مِنَ الْغِنى

لا يَشْغَلَنَّكَ لَوْ وَليْتَ عَنِ الَّذي ... أَصْبَحْتَ فيهِ ولا لَعَلِّ ولا عَسى

خالِفْ هَواكَ إذا دَعاكَ لِريبَةٍ ... فَلَرُبِّ خَيْرٍ في مُخَالَفَةِ الْهَوى

عَلَمَ الْمَحَجَّةِ بَيِّنٌ لِمريدِهِ ... وَأرى القْلُوبَ عَنِ الْمَحَجَّةِ في عَمى

وَلَقَدْ عَجِبْتُ لِهَالِكٍ وَنَجَاتُهُ ... مَوْجودَةٌ وَلَقَدْ عَجِبْتُ لِمَنْ نَجَا

وَعَجِبْتُ إذْ نَسِيَ الْحمِامَ وَلَيْس مِنْ ... دونِ الْحمامِ وَإنْ تَأَخَّرَ مُنْتَهى

ساعاتُ لَيْلِكَ والنهَّارِ كِلَيْهِمَا ... رُسُلٌ إلَيْكَ وَهُنْ يُسْرِعْنَ الْخُطى

وَلَئِنْ نَجَوْتَ فَإِنما هِيَ رَحْمَةُ الْـ ... ـمَلِكِ الرَّحيمِ وَإنْ هَلَكْتَ فَبِالْجَزا

يا ساكِنَ الدُّنْيَا أمِنْتَ زوالها ... ولقد ترى الأيام دائرة الرحى

أين اللألى بنوا الحصون وَجنَّدوا ... فيها الجنُودَ تَعَزُّزًا أيْنَ الألى ...

أَيْنَ الْحُماةُ الصابِرونَ حمِيَّةً ... يَوْمَ الْهِياجِ لِحَرِّ مُجْتَلَبِ القْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>