للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال رحمه الله تعالى:

يا رُبَّ عَيْشٍ كانَ يُغْبَطُ أهْلُهُ ... بِنَعيمِهِ قَدْ قيلَ كانَ فَزالا

يا طالِبَ الدُّنْيا لِيُثْقِلَ نَفْسَهُ ... إِنَّ الْمُخِفَّ غَدًا لأَحْسَنُ حالا

إنَّا لَفي دارٍ نَرى الإِكْثارَ لا ... يَبْقى لِصاحِبِهِ ولا الإقلاْلا

أَأُخَيَّ إِنَّ الْمالَ إنْ قَدَّمْتَهُ ... لَكَ لَيْسَ إنْ خَلَّفْتَهُ لَكَ مالا

أَأُخَىَّ كُلٌّ لا مَحالَةَ زائِلٌ ... فَلِمَنْ أَراكَ تُثَمِّرُ الأَمْوالا

أأخي شأنك بالكفاف وخلِّ مَنْ ... أثرى ونافس في الحطام وغالى

كَمْ مِنْ مُلوكٍ زالَ عَنْهُمْ مُلْكُهُمْ ... فَكَأَنَّ ذاكَ الْمُلْكَ كانَ خَيالا

حَتَّى مَتى تُمْسي وتُصْبِحُ لاعِبًا ... تَبْغي الْبَقاءَ وتأَمُلُ الآمِالاَ

ولَقَدْ رَأَيْتَ الْحادِثاتِ مُلِحَّةً ... تَنْعى الْمُنى وتُقَرِّبُ الآجِالاَ ...

ولَقَدْ رَأَيْتَ مَساكِنًا مَسْلُوبَةً ... سُكَّانُها ومَصانِعَا وظِلالاَ

ولَقَدْ رَأَيْتَ مَنِ اسْتَطاعَ بِجَمْعِهِ ... وَبنى فَشَيَّدَ قَصْرَهُ وأَطَالاَ

ولَقَدْ رَأَيْتَ مُسَلَّطًا ومُمَلَّكًا ... وَمُفَوَّهًا قَدْ قِيْلَ قالَ وقَالاَ

ولَقَدْ رَأَيْتَ المَوْتَ كَيْفَ يُبيدُهُمْ ... شِيبًا وكَيْفَ يُبيدُهُمْ أطْفالاَ

ولَقَدْ رَأَيْتَ المَوْتَ يُسْرِعُ فيهِمُ ... حَقًّا يَمِينًا مَرَّة وشِمَالاَ

فَسَلِ الْحَوادِثَ لا أَبَا لَكَ عَنْهُمُ ... وسَلِ الْقُبورَ وَأَحْفِهِنَّ سُؤَالاَ

فَلَتُخْبِرَنَّكَ أنَّهُمْ خُلِقوا لِما ... خُلِقوا لَهُ فَمَضَوْا لَهُ أَرْسالاَ

ولَقَلَّ ما تَصْفو الْحَياةُ لأَهْلِها ... حتَّى تُبَدِّلَ مِنُهُمْ أبْدالاَ

ولَقَلَّ ما دامَ السُّرورُ لِمَعْشِرٍ ... وَلَطالَما خانَ الزَّمانُ وغَالاَ

<<  <  ج: ص:  >  >>