للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَوتُ حَوضٌ لا مَحالَةَ دونَهُ ... مُرٌّ مَذاقَتُهُ كَريهٌ مَشْرَبُهْ

وَتَرى الَفتى سَلِسَ الْحَديثِ بِذِكْرِهِ ... وَسْطَ النَّدِىِّ كَأنَّهُ لا يَرْهَبُهْ

وَأَسَرُّ مَأ يَلْقى الْفتى في نَفْسِهِ ... يَبْتَزُّهُ نابُ الزَّمانِ وَمِخْلَبُهْ

وَلَرُبَّ مُلْهِيَةٍ لِصاحِبِ لَذَّةٍ ... ألْفَيتُها تَبْكي عَلَيهِ وَتَنْدُبُهْ

مَنْ كانَتِ الدُّنْيا مِنْ أكِبَرِ هَمِّهِ ... نَصَبَتْ لَهُ مِنْ حُبِّها ما يُتْغِبُهْ

فَاصِبْرْ على الدُّنْيا وَطُولِ غُمُومِهَا ... ما كُلُّ مَنْ فيها يَرى ما يُعْجِبُهْ

ما زَالَت الدنيا تَلاَعَبُ بالْفَتَى ... طَورًا تُخَوِّلُهُ وَطَورًا تَسْلُبُهْ

مَنْ لَمْ يَزَلْ مُتَعَجِّبًا مِنْ كُلِّ ما ... يَأتيهِ في الأَيَّامِ طَالَ تَعَجُّبُهْ

* * *

حِلْمُ الْفَتى مِما يُزَيِّنُهُ ... وتَمامُ حِلْيَةِ فَضْلِهِ أَدَبُهْ

والأَرْضُ طَيِّيَةٌ وكُلُّ بَني ... حَوَّاءَ فيها واحِدٌ نَسَبُهْ

إيتِ الأُمورَ وأَنْتَ تُبْصِرُها ... لا تَأْتِ ما لَمْ تَدْرِ ما سَبَبُهْ

وقال أيضًا:

عَجِبْتُ لِلنّارِ نامَ راهِبُها ... وجَنَّةِ الخُلْدِ نامَ راغِبُها

عَجِبْتُ لِلْجَنَّةِ الَّتي شَوَّقَ اللهُ ... إلَيها إذْ نامَ طالِبُها

إنّا لَفي ظُلَمةٍ مِنَ الْحُبِّ لِلدُّ ... نْيا وَأَهْلُ التُّقى كَواكِبُها

مَنْ لَمْ تَسَعْهُ الدُّنْيا لِبُلْغَتِهِ ... ضاقَتْ عَلى نَفْسِهِ مذَاهِبُها

مَنْ سامَحَ الْحادِثاتِ ذَلَّتْ لَهُ الْـ ... أَرْضُ ولانَتْ لَهُ مَناكِبُها

وَالْمَرْءُ ما دامَ في الْحَياةِ فَلا ... يَنْفَكُّ مِنْ حاجَةٍ يُطالِبُها

يا عَجَبًا لِلدُّنْيا كَذا خُلِقتْ ... مادِحُها صادِقٌ وَعائِبُها

<<  <  ج: ص:  >  >>