للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال رحمه الله:

طُولُ التَّعاشُرِ بَيْنَ النّاسِ مَمُولُ ... ما لابْنِ آدَمَ إنْ كَشَّفْتَ مَعُقولُ

لِلْمَرْءِ ألْوانُ دُنْيا رَغْبَةً وَهَوًى ... وعَقْلُهُ أَبَدًا ما عاشَ مَدْخولُ

يا راعِيَ النَّفْسٍ لا تُغْفِلْ رِعايَتَها ... فَأنْتَ عَن كُلِّ ما اسْتُرْعِيتَ مٍْسؤولُ

خُذْ ما عَرَفْتَ وَدَعْ ما أَنْتَ جاهِلُهُ ... لِلأَمْرِ وَجْهانِ: مَعْروفٌ ومَجْهولُ

وَاحْذَرْ فَلَسْتُ مِنَ الأَيْامِ مُنْقَلِتًا ... حَتّى تَغولَكَ مِنْ أيّامِكَ الْغُولُ

لَنْ تَسْتَتِمَّ جَميلاً أَنْتَ فاعِلُهُ ... إلا وأَنْتَ طَليقُ الْوَجْهِ بُهْلولُ

ما أَوْسَعَ الْخَيْرَ فَابْسُطْ رَاحَتَيْكَ بِهِ ... وَكُنْ كأَنَّكَ عِنْدَ الشَّرِّ مُغْلُولُ

الْحَمْدُ للهِ في آجالِنا قِصَرٌ ... نبْغي الْبَقاءَ وفي آمالِنا طُولُ

نَعوذُ بِاللهِ مِنْ خِذْلانِهِ أبَدًا ... فإنَّما النّاسُ مَعْصومٌ وَمَخْذولُ

إنّي لَفِي مَنْزِلٍ ما زِلْتُ أعُمُرُهُ ... عَلى يَقيني بِأنّي عنْهُ مَنْقولُ

وَأنَّ رَحْلي وَإنْ أوْثَقْتُهُ لَعَلى ... مُطِيَّةٍ مِنْ مَطايا الْحَيْنِ مَحمولُ

فَلَوْ تَأهَّبْتُ والأَنْفاسُ في مَهَلٍ ... وَالْخَيْرُ بَيْني وَبَيْنَ الْعَيْشِ مَقْبولُ

وادِي الْحَياةِ مَحَلٌّ لا مُقامَ بِهِ ... لِنازِلايهِ ووادي الْمَوْتِ مَحلْولُ

والدَّارُ دارُ أَباطيلٍ مُشّبَّهَةٍ ... الْجِدُّ مُر بِها والْهَزْلُ مَعْسُولُ

وَلَيْسَ من مَوْضِعٍ يَأْتيهِ ذُو نَفَسٍ ... إلا وَلِلْمَوْتِ سَيْفٌ فيهِ مَسْلولُ

لمْ يُشْغَلِ الْمَوْتُ عَنا مُذْ أُعِدَّ لَنا ... وَكُلُّنا عَنْهُ بِاللَّذاتِ مَشْغولُ

ومَنْ يَمُتْ فَهُوَ مَقْطوعٌ وَمُجْتَنَبٌ ... وَالْحَيُّ ما عاشَ مَغْشِيٌّ ومَوْصولُ

كُلْ ما بَدا لَكَ فَالآكالُ فانِيَة ... وَكُلُّ ذِي أُكُلٍ لابُد مَأْكولُ

وَكُلُّ شَيءٍ مِنَ الدُّنْيا فمُنْتَقَصٌ ... وكُلُّ عَيْشِ مِنَ الدُّنْيا فَمَلْولُ

سُبْحانَ مَنْ أَرْضُهُ لِلْخَلْقِ مائِدَةٌ ... كُلٌّ يُوافِيهِ رِزْقٌ مِنْهُ مَكْفولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>