للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَذَلْنَا لَهُ الأمْوَالَ من جُلّّ مالِنَا ... وأنْفُسَنَا عند الوَغى والتَآسِيَا

نُعَادِي الذِي عَادَى مِن النَّاسِ كُلِّهمْ ... جَمِيعًا ولَو كَانَ الحَبِيبَ المُوَاسِيَا

ونَعْلَمُ أنَّ اللهَ لاَ رَبَّّ غَيرَهُ ... وإنَّ كتاب الله أصْبَحَ هَادِيَا

انْتَهَى

آخر: هذه قصيدة وعظية تُحرِّك القلب لطاعة الله وتزهِّده في الدنيا

أيقِظْ جُفُونَكَ يَا مِسْكَينُ مِن سِنَةٍ ... وَانْظُر بِعَقْلِكَ ما في الأَرْضِ من عِبَرِ

بالأمْسِ كُنْتَ مَعَ الصِّبْيَانِ في لَعِبٍ ... غَضَّ الشبَابِ قَليلَ الهَمِّ والفِكَرِ

وقد كَبِرْتَ وحَانَ الشَّيبُ مِنْكَ ولا ... أرَاكَ تَنْظُرُ يَا مَغْرُورُ في الكِبَرِ

تَبعْتَ ويحَكَ دُنْيا لا بَقَاءَ لَهَا ... تُمْسِي وتُصْبِحُ مَسْرُورًا عَلَى النُكُرِ

أمَا اعْتَبَرْتَ بِمَا شَيَّعْتَ مِن سَلَفٍ ... إلى القُبُورِ مِن الأشْيَاخِ والصِّغَرِ

وأنْتَ في كُلِّ يَومٍ زَائِدًا أمَلاً ... والدَّهْرُ يَهْدِمُ مِنْكَ العُمْرَ فابْتَدِرِ

يَا مَن مَضَى عُمْرهُ المكْنُونِ في سَفَهٍ ... وفي المُحَال وفي اللَّذَّاتِ والبَطَرِ

أينَ الشَّبَابُ الذي قَدْ كُنْتَ تَحْمِدُهُ ... مَضَى سَرِيعًا كِمثْلِ اللَّمحِ في البَصَرِ

وقَدْ أتَى لَكَ شَيبٌ لا زَوَالَ لَهُ ... إلاَّ بِمَوتِكَ يَا مَغْرُورُ فانْتَظِرِ

إنَّ الرَّحِيلَ حَقِيقٌ فاسْتَعِدَّ لَهُ ... وقَدْ أتَاكَ نَذيرُ الشَّيبِ فازْدَجِرِ

بَادِرْ متَابَكَ يَا مِسْكِينُ في عَجَلِ ... قَبْلَ المنُون وبَادِرْ فُسْحَةَ العُمُرِ ...

حَافِظْ عَلى الخَمسِ في الأوقاتِ إنَّ لَهَا ... فَضْلاً وَقُلْ يَا إلهي نَجِّ مِن سَقَرِ

طُوبَى لِعَبْدٍ تقَيٍّ خَائِفٍ وَجلٍ ... خَافَ الذُنُوبَ وَبَاعَ النَومَ بالسَّهَرِ

وقَامَ بالليلِ للرَّحمن مُبتَهلاً ... يَتْلُو الكتَابَ ودَمْعُ كَالمَطَرِ

إنْ كُنْتَ تَبْغِي جنَانَ الخُلْدِ تَسْكُنُهَا ... مَعَ الحِسَانِ ذَوَاتِ الغُنْجِ والحَوَرِ

تُسْقَى بِهَا سَلْسَبِيلاً طَابَ شَارِبُهَا ... مِن كَفَّ غَانِيَةٍ أضْوَى منَ القَّمَرِ

في قُبَّةٍ مِن لُجَين جَلَّ صَانِعُهَا ... قَدْ خَصَّهَا بَاخْتِلالِ النَّحْلِ والنَّهَرِ

والطَّيرُ فيها عَلى الأغْصَانِ عَاكِفَةً ... أصْوَاتُهَا كَحَنِينِ العُودِ والوَتَرِ

والحُورَ يَمْشِينَ في حُلْي وَفي حُلَل ... كَمَا أتَى في بَيَانِ الذِكْرِ والسُوَرِ

واعْكِفْ عَلَى سُنَّةِ الهادِي وتَابِعهِ ... وَاتْبَعْ طَريقَتَهُم تَقْفُوا عَلى الأثَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>