للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا نَفْسُ لِلْمَوْتِ بي عَيْنٌ مُوَكَّلَةٌ ... في كُلِّ وَجْهٍ فَروغي عَنْهُ أوْ حيدي

إنْ كانَتِ الدّارُ لَيْسَتْ لي ببِاقِيَةٍ ... فَما عَنائي بِتَأْسيسٍ وتَشْييدِ

وَلي مِنَ الْمَوْتِ يَوْمٌ لا دِفاعَ لَهُ ... لَوْ قَدْ أتاني لَقَدْ ضَلَّتْ أَقاليدي

الْحَمْدُ للهِ كُلُّ الْخَلْقِ مُنْتَقَصٌ ... مُصَرَّفٌ بَيْنَ خِذْلانِ وَتَأْييد

وَكُلُّ ما وَلَدَتْهُ الْوالِداتُ إلى ... مَوْتٍ تُؤَدِّيهِ ساعاتُ الْمَواليدِ

وقال رحمه الله تعالى:

يا نَفْسُ ما هوَ إلاَّ صَبْرُ أيّامِ ... كأَنَّ لَذَّتَها أضْغاثُ أحْلامِ

يا نَفْسُ ما ليَ لا أنْفَكُّ مِنْ طَمَعٍ ... طَرْفي إِلَيْهِ سَريعٌ طامِحٌ سامِ

يا نَفْسُ كُوني عَنِ الدُّنْيا مُباعِدَةً ... وَخَلِّفِيها فإِنَّ الحْقَّ قُدامِي

يا نَفْسُ ما الذُّخْرُ إلاَّ ما انْتَفَعْتُ بِهِ ... في الْقْبرِ يَوْمَ يَكُونُ الدَّفْنُ إِكْرَامِي

أمَّا الْمَشيِبُ فَقَدْ أدِّى نَذارَتَهُ ... وَقَدْ قَضى ما عَلَيْهِ مُنْذُ أعْوَامِ

ذ

إنّي لاسْتَكْثِرُ الدُّنْيا وَأُعْظِمُها ... جَهْلاً وَلَمْ أرَها أهْلاً لإعْظامِ

يا ذَا الَّذي يَوْمُهُ آتٍ بِساعَتِهِ ... وَإنْ تَأخرَ عَنْ عامٍ إلى عامِ

فَلَوْ عَلا بِكَ أقْوامٌ مَناكِبَهُمْ ... حَثُّوْا بِنَعْشِكَ إِسْراعًا بِإقْدامِ ...

في يَوْمِ آخِرِ تَوْديعٍ تُوَدَّعُهُ ... تُهْدى إلى حَيْثُ لا فَادٍ ولا حَامٍ

ما النَّاسُ إلا كَنَفْسٍ في تَقارُبِهِمْ ... لَوْلا تَفاوُتُ أرْزاقٍ وأَقْسامِ

كمْ لابْنِ آدَمَ مِنْ لَهْوٍ ومِنْ لَعِبٍ ... ولِلْحَوادِثِ مِنْ شَدٍّ وَإقْدامِ

كمْ قَدْ نَعَتْ لَهُمُ الدُّنْيا الْحُلولَ بِها ... لوْ أنَّهُمْ سَمِعوا مِنْها بِأفْهامِ

وَكم تَخَرَّمَتِ الآجال مِنْ بَشَرٍ ... كانُوا ذَوِي قُوَّةٍ فيها وَأجْسامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>