للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنَّما الدُّنْيا عَلى ما جُبِلَتْ ... جِيفَةٌ نَحْنُ عَلَيْها نَصْطَرِعْ

التَّقِيُّ الْبَرُّ مَنْ يَنْبُذُها ... والمُحامي دونَها الخَبُّ الْخَدِعْ

فَسَدَ النّاسُ وصاروا إنْ رَأَوْا ... صالِحًا في الدّينِ قالوا مُبْتَدِعْ

اِنْتَبِهْ لِلُمَوْتِ يا هذا الَّذي ... عِلَلُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ تَقْتَرِعْ

خَلِّ ما عَزِّ لِمَنْ يَمْنَعُهُ ... قَدْ تَرى الشَّيْء إذا عَزَّ مُنِعْ

وَاسْلُ في دُنْياكَ عَمّا اسْطَعْتَهُ ... وَالْهُ عَنْ تَكْليفِ ما لمْ تَسْتَطِعْ

* * *

وقال أَيضًا:

أَلاَ رُب ذِي أَجَلٍ قَدْ حَضَرْ ... كَثيرِ التَّمَنّي قَليلِ الْحَذَرْ

إِذا هَزَّ في الْمَشْيِ أعْطافَهُ ... تَعَرِّفْتَ في مَنْكِبَيْهِ الْبَطَرْ

يُؤَمِّلُ أكْثَرَ مِنْ عُمْرِهِ ... وَيَزْدادُ يَوْمًا بِيَوْمٍ أشَرْ

وَيُمسي ويُصبِحُ في نَفْسِهِ ... كَريمَ الْمَساعِي عَظِيمَ الْخَطَرْ

تَكونُ لَهُ صَوْلَةٌ تُتَّقى ... وَأمرٌ يُطاعُ إذا مَا أَمَرْ

يَريشُ وَيَبْريِ وفي يَوْمِهِ ... لَهُ شُغُلٌ شاغِلٌ لَوْ شَعَرْ ...

يَعٌُدُّ الْغُرورَ ويَبْني الْقُصُورَ ... وَيَنْسى الْفَناءَ ويَنْسى الْقَدَرْ

ويَنْسَى الْقُرونَ وَرَيْبَ الْمَنونِ ... ويَنْسى الْخُطوبَ ويَنْسى الْغِيَرْ

ويَنْسى شُهورًا تُحِيلُ الأُمورَ ... فَإمّا بِخَيرٍ وإمّا بِشَرْ

يُجَرِّعُهُ الْحِرْصُ كَأْسَ الْفَنا ... وَيَحْمِلُهُ فَوْقَ ظَهْرِ الْغَرَرْ

وَكَمْ مِنْ ملُوكٍ عَهِدْناهُمُ ... تَفانَوْا ونحنُ مَعًا بِالأّثَرْ

أَما تَعْجَبونَ لأَهْل الْقُبورِ ... كَأَنَّهُمُ لَمْ يَكونوا بَشَرْ

أَخَيَّ أَضَعْتَ أُمورًا أراكَ ... لنَفْسكَ فيها قَليلَ النَّظَرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>