للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأمل هذه القصيدة بدقة لِتَنْظر كيفَ يفعل المجرمُون بالمسلمين في السٌّجُون نسأل الله العافية:

ثارَ القَرِيضُ بِخَاطرِي فَدعُونِي ... أَفْضِي لكُم بِفجَائِعِي وشَجُونِي

فالشِعْرُ دَمْعِي حِيْنِ يَعَصِرُني الأسَى ... والشعرُ عُودي يومَ عَزْفِ لُحُونِي

كم قال صَحْبِي أَيْنَ غُرُّ قَصَائِدٍ ... تُشْجِي القُلوبَ بلِّحنهَا المَحْزُوْنِ؟

وتُخَلِّدُ الذِكْرَى الألِيْمَةَ لِلْوَرَى ... تُتْلى عَلىَ الأجْيَالِ بَعْدَ قُرُونِ

ما حِيْلتِي والشِعْرُ فَيْضُ خَواطِرِي ... مَا دُمْتُ أَبْغِيْهِ ولا يَبْغِيْنِي؟!

واليَومَ عَاودنِي المَلاكُ فَهَزَّنِي ... طَرَبًا إلىَ الإِنْشَادِ والتَّلحِيْنِ

أُلهِمْتُهَا عَصْمَاءَ تَنْبُعُ مِن دَمِي ... ويَمُدُّهَا قَلْبِي ومَاءُ عُيُونِي

نُونِيَةٌ والنُونُ تَحْلُو فِي فَمِيَ ... أبَدًا فكِدْتُ يٌثَالُ لِي «ذُو النُونِ»

صَوَّرْتُ فِيْهَا مَا اسْتَطَعْتُ بِرْيشتي ... وتركْتُ للأيَّامِ مَا يُعْيِيْنِي

ما هِمْتُ فِيها بالخَيَالِ فَإنَّ لِي ... بِغَرَائِبِ الأَحْدَاثِ ولا قَانُونِ

أنْسَتْ مَظَالِمُهُمْ مَظالِمَ مَن خَلُوْا ... حَتَّى تَرَحَّمْنَا عَلَى «نِيْرُوْنِ»!

* * *

يا سَائِلي عن قِصِّتِي، اسْمَعْ إنَّها ... قَصَصٌ مِن الأهْوَالَ ذَاتُ شُجُونِ

أمَسِكْ بِقَلْبِكَ أنْ يَطِير مُفزَّعًا ... وتَوَلَّ عن دُنْيَاكَ حَتَّى حِينِ

فالْهَولُ عَاتٍ والحقائِقُ مُرَّةٌ ... تَسْمُو عَلىَ التَّصْوِيرِ والتَّبِيينِ

والخَطْبُ لَيسَ بخطْبِ مِصْرٍ وَحْدَهَا ... بَلْ خَطْبُ هذا الْمَشْرِقِ المِسْكَينِ

في لَيلةٍ لَيلاء مِن نِوفَمْبرٍ ... فُزِّعْتُ من نَومِي لِصُوتِ رَنِينِ

فإذا «كِلابُ الصَّيدِ» تَهْجِمُ بَغْتَةً ... وتَحُوطنِي عَن شَمْأَلٍ ويَمِينِ

فَتَخَطّفُونِي مِن ذَوِيِّ وأقْبَلُوا ... فَرَحًا بصَيدٍ لِلطَّغاةً سَمَينِ

وعُزْلتُ عن بَصَرِ الحَيَاةِ وَسَمْعِهَا ... وقُذِفْتُ في قَفَص العَذابِ الهُونِ

في سَاحةِ «الحَرْبيِّ» حَسْبك باسْمَهِ ... مِن بَاعِثٍ لِلرَّعْبِ قَدْ طَرحوني

ما كِدْتُ أدخُلُ بَابَهُ حَتَى رأَتْ ... ... عَينَايَ مَا لَم تَحْسَبْهُ ظُنُونِي

في كُلِّ شِبْرٍ لِلْعَذابِ مَنَاظِرٌ ... يَنْدَى لَهَا - واللهِ - كُلُّ جَبِينِ

فتِرَى العَسَاكِرَ والكِلاَبَ مُعَدَّةً ... لِلنَّهْشِ طِوعَ القَائِدِ المَفْتُونِ ...

هَذِيِ تَعَضُّ بِنَابِهَا وزَمِيلُهَا ... يَعْدُو عَلَيكَ بِسَوطِهِ المَسْنُونِ

ومَضَتْ عَليَّ دَقائِقٌ وكَأنَّهَا ... مِمَّا لَقِيتُ بِهَنَّ بِضْعُ سِنِينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>