للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ اللهَ لاَ يَبْقى سِواهُ ... وَإنْ تَكُ مُذْنِبًا فَهُوَ الغْفَورُ

وَكَم عايَنْتَ مِنْ مَلِكٍ عَزيزٍ ... تَخَلَّى الأَهْلُ عَنْهُ وَهُمْ حُضورُ

وَكَمْ عايَنْتَ مُسْتَلَبًا عَزيزًا ... تَكَشَّفُ عَنْ حَلائِلِهِ الْخُدورُ

وَدُمِّيَتِ الْخُدودُ عَلَيْهِ لَطْمًا ... وَعُصِّبَتِ الْمَعاصِمُ والنُّحورُ

ألَمْ تَرَ أنَّما الدُّنْيا حُطامٌ ... وَأنَّ جَميعَ ما فيها غُرورُ

وقال رحمه الله تعالى:

أجَلُ الْفتى مِمْا يُؤَمِّلُ أَسْرَعُ ... وأراهُ يَجْمَعُ دائِبًا لا يَشْبَعُ

قُلْ لي لِمَنْ أَصبَحتَ تَجْمَعُ ما أرى ... ألِبَعْلِ عِرْسِكَ لا أبَا لَكَ تَجْمَعُ

لا تَنْظُرَنَّ إِلى الْهَوى وانْظُرْ إلى ... رَيْبِ الزَّمانِ بِأهْلِهِ ما يَصْنَعُ

الْمَوْتُ حَقٌّ لا مَحالَةَ دُونَهُ ... وَلِكُلِّ مَوْتٍ عِلَّةٌ لا تُدْفَعُ

والْمَوْتُ داءٌ لَيْسَ يَدْفَعُهُ الدَّوا ... إِما أَتَى وَلِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ

كمْ مِنْ أَخٍ قَد حِيلَ دونَ لِقائِهِ ... قَلْبي إلَيْهِ مِنَ الْجَوانِحِ يَنْزِعُ

شَيَّعْتُهُ ثُمَّ انْصَرَفْتُ مُوَلِّيًا ... عَنْ قَبِرِهِ مُستَعْبِرًا أسْتَرْجِعُ

فَعَلى الصِّبا مِنّي السَّلامُ وأهلِه ... ما بعْدَ ذا في أَنْ أُخَلَّدَ مَطمَعُ

وقال أيضًا:

يا ساكِنَ الدُّنْيا لَقَدْ أوْطَنْتَها ... وَأمِنْتَها عَجَبًا وَكَيْفَ أَمِنْتَها

وَشَغَلْتَ قَلْبَكَ عَنْ مَعادِكَ بِالْمُنى ... وَخَدَعْتَ نَفْسَكَ بالْهَوى وَفَتَنْتَها

إنْ كُنْتَ مُعْتَبِرًا فَقَدْ أبْصَرتَ أحْـ ... ـوالَ الشَّبِيبَةِ مِنْكَ وَاسْتَيْقَنْتَها

أوَلَمْ تَرَ الشَّهَواتِ كَيْفَ تَنَكَّرَتْ ... عَمَّا عَهِدْتَ وَرُبَّما لَوَّنْتَهَا

أكْرَمْتَ نَفْسَكَ بالْهَوانِ لَها وَلَوْ ... كَرُمَتْ عَلَيْكَ نَصَحْتَهَا وَأهَنْتَهَا ...

يا ساكِنَ الدُّنْيا كَأَنَّك خِلْتَ ... أنَّكَ خالِدٌ فَجَمَعْتَها وَخَزَنْتَها

<<  <  ج: ص:  >  >>