للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تَرْمِ بالأَخْبارِ مِنْ غَيْرِ خِبْرَةٍ ... ولا تَحْمِلِ الأَخْبارَ عَنْ كُلِّ خابِرِ

فكَمْ مِنْ عَزِيزٍ قَدْ رَأيْنا امتِناعَهُ ... فَدَارَتْ عَلَيْهِ بَعْدُ إحدى الدَّوائِرِ

وكْم مَلِكٍ قَدْ رُكِّمَ التُّرْبُ فَوْقَهُ ... وعَهْدي بِهِ في الأَمْسِ فَوْقَ الْمَنابِرِ

وكمْ دائِبٍ يُعْنَى بِما لَيْس مُدْرِكًا ... وَكَمْ وَارِدٍ ما لَيْسَ عَنْهُ بِصادِرِ

ولَمْ أرَ كالأَمْواتِ أبْعَدَ شُقَّةً ... عَلَى قُرْبِها مِنْ دارِ جارٍ مُجاوِرٍ

لَقَدْ دَبَّرَ الدُّنْيا حَكيمٌ مُدَبِّرٌ ... لَطيفٌ خَبيرٌ عالِمٌ بالسَّرائِرِ

إذا أَبْقَتِ الدُّنْيا عَلى الْمَرْءِ دِينَهُ ... فَما فاتَهُ مِنْها فَلَيْسَ بِضائِرِ

إذا أَنْتَ لَمْ تَزْدَدْ عَلى كُلِّ نِعْمَةٍ ... خُصِصْتَ بِها شُكْرًا فَلَسْتَ بِشاكِرِ

إذا أَنْتَ لَمْ تَطْهُرْ مِنَ الْجَهَلِ وَالْخَنَا ... فَلَسْتَ عَلى عَوْمِ الْفُراتِ بِطاهِرِ

ذ

إذا لَمْ تَكُنْ لِلْمَرْءِ عِنْدَكَ رَغْبَةٌ ... فَلَسْتَ عَلى ما فِي يَدَيْهِ بِقَادِرِ

إذا كُنْتَ بالدُّنْيا بَصيرًا فَإِنَّما ... بَلاغُكَ مِنْها مِثْلُ زادِ المْسُافِرِ

وَما الْحُكْمُ إِلاَّ ما عَلَيْهِ ذَوُو النُّهى ... وَما النَّاسُ إلاَّ بَيْنَ بَرٍّ وَفاجِرِ

وَما مِنْ صَباح مَرَّ إلاَّ مُؤَدِّبًا ... لأَهْلِ الْعُقولِ الثَّابِتاتِ الْبَصائِرِ

أراكَ تُساوى بِالأصاغِرِ في الصِّبا ... وَأَنْتَ كَبيرٌ مِنْ كِبارِ الأَكابرِ

كَأَنَّكَ لَمْ تَدْفِنْ حَميمًا وَلَمْ تَكُنْ ... لَهُ في حِياضِ الْمَوْتِ يَوْمًا بِحاضِرِ

وَلَمْ أرَ مِثْلَ الْمَوْتِ أكَثَرَ ناسِيًا ... تَراهُ وَلا أوْلَى بِتَذْكارِ ذاكِرِ

وَإِنَّ امْرَأ يَبْتاعُ دُنْيا بِدينِهِ ... لَمُنْقَلِبٌ مِنها بِصَفْقَةِ خَاسِرِ

وَكُلُّ امْرِئٍ لَمْ يَرْتَحِلْ بِتِجارَةٍ ... إلى دارِهِ الأُخْرى فَلَيْسَ بِتاجِرِ

رَضيتُ بِذي الدُّنُيا لِكُلِّ مُكابِرِ ... مُلِحٍّ عَلى الدُّنْيا وَكُلِّ مُفَاخِرِ

ألَمْ تَرَها تَرْقيهِ حَتَّى إذا صَبا ... فَرَتْ حَلْقَهُ مِنْها بِمُدْيَةِ جازِرِ

وَما تَعْدِلُ الدُّنْيا جَناحَ بَعوضَةٍ ... لَدَى اللهِ أوْ مِقْدارَ زَغْبَةٍ طائِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>