للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَغْنِمُ النّاسُ مِن قَوْمٍ فَوائِدَهُمْ ... وإِنَّما هِيَ في أعناقِهِمْ رَبَقُ

ويَجْهَدُ النّاسُ في الدُّنيا مُنافَسَةً ... ولَيْسَ لِلناسِ شَيْءٌ غَير ما رُزِقوا

يا مَنْ بَنى الْقَصْرَ في الدُّنيا وشَيَّدَه ... أسَّسْتَ قَصْرَكَ حَيْثُ السَّيْلُ والْغَرَقُ

لا تَغْفُلَنَّ فَإنَّ الدّارَ فانِيَةٌ ... وشُرْبُها غُصَصٌ وَصَفُوْها رَنَقُ

وَالْمَوْتُ حَوْضٌ كَرِيهٌ أنْتَ وارِدُهُ ... فانْظُرْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ يا مَئِقُ

اسْمُ الْعَزيزِ ذَليلٌ عِنْدَ ميتَتِه ... واسْم الْجَديدِ، بُعَيْدَ الْجِدَّةِ، الْخَلَقُ

يَبلى الشَّبابُ وَيُفْني الشَّيْبُ نَضْرَتَهُ ... كَما تَساقَطُ عَنْ عِيدانهِا الْوَرَقُ

ما لي أَراكَ وما تَنْفَكُ مِنْ طَمَعٍ ... يَمْتَدُّ مِنْكَ إِلَيْهِ الطَّرْفُ والْعُنُقُ

تَذُمُّ دُنْياكَ ذَمًّا ما تَبوحُ بِهِ ... إلاَّ وأَنتَ لها في ذاكَ مُعْتَنِقُ

فلَوْ عَقَلْتُ لأَعْدَدْتُ الْجَهِازَ لِما ... بَعْدَ الرَّحيلِ بها ما دامَ بي رَمَقُ

إذا نَظَرْتَ مِنَ الدُّنْيا إلى صُوَرٍ ... تَخَيَّلَتْ لَكَ مِنْها فَوْقَها الْخَرَقُ

فاذْكُرْ ثَمودًا وعادًا أَيْنَ أَيْنَ هُمُ ... لَوْ أَنّ قَوْمًا بِقُوا مِنْ قَبْلِهِم لَبَقُوا

ما نَحْنُ إِلاَّ كَرَكْبٍ ضَمَّهُ سَفَرٌ ... يَوْمًا إلى ظلِّ فَيْءٍ ثَمَّةَ افْتَرَقوا

ولا يُقيمُ عَلى الأَسلافِ غابِرُ هُمْ ... كَأَنَّهُمْ بِهِمُ مَنْ بَعْدَهمْ لَحقوا

ما هَبَّ أَوْ دَبَّ يَفْنى لا بَقاءَ لَهُ ... والْبَرُّ والْبَحْرُ والأَقْطارُ والأُفُقُ

نَسْتَوْطِنُ الأَرْضَ دارًا لِلْغُرورِ بِها ... وَكُلُّنا راحِلٌ عَنْها فَمُنْطَلِقُ

لَقَدْ رَأَيْتُ وما عَيْني بِراقِدَةٍ ... نَبْلَ الْحَوادِثِ بَيْنَ الْخَلْقِ تَخْتَرِقُ ...

كَمْ مِنْ عَزيزٍ أَذَلَّ الْمَوْتُ مَصْرَعَهُ ... كانَتْ عَلى رَأْسِهِ الرّاياتُ تَخْتَفِقُ

كُلُّ امْرِئٍ فَلَهُ رِزْقٌ سَيَبْلُغُهُ ... واللهُ يَرْزُقُ لا كَيْسٌ وَلا حُمُقُ

إذا نَظَرْتَ إلى دُنْياكَ مُقْبِلَةً ... فَلا يَغُرَكَ تَعْظيمٌ وَلا مَلَقُ

أُخَيَّ إِنّا لَنَحْنُ الفْائِزونَ غَدًا ... إنْ سَلَّمَ اللهُ مِنْ دارِ لَها علَقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>