للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ (١): انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاكْتُبْهُ، فَإِنِّي خِفْتُ دُرُوسَ العِلْمِ وَذَهَابَ العُلَمَاءِ، وَلَا تَقْبَلْ إِلَّا حَدِيثَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " وَلْتُفْشُوا العِلْمَ، وَلْتَجْلِسُوا حَتَّى يُعَلَّمَ مَنْ لَا يَعْلَمُ، فَإِنَّ العِلْمَ لَا يَهْلِكُ حَتَّى يَكُونَ سِرًّا " (٢).

الكتابة، والتدوين، والتصنيف فى اللغة:

أ- الكتابة: قال فى اللسان:" كتب الشئ كتباً، وكتاباً، وكتابة، وكتبه خطه" فكتابة الشاء خطه (٣).

ب- التدوين: قال فى اللسان: "والديوان مجتمع الصحف" (٤). وقال فى تاج العروس: "وقد دونه تدويناً جمعه. وعليه فالتدوين هو جمع الصحف المشتتة فى ديوان ليحفظها (٥).

ج- التصنيف: قال فى اللسان: والتصنيف: تمييز الأشياء بعضها من بعض، وصنف الشئ ميز بعضه من بعض. وتصنيف الشئ جعله أصنافاً. وعليه فالتصنيف تمييز الجزئيات، كأن يميز المصنف الصواب من الخطأ، أو الأهم من المهم" (٦).

وهذا تعريف موجز للكتابة والتدوين والتصنيف: يتضح منه الفرق بين الكتابة والتدوين.

ومن هذه التعاريف: يتضح لنا أن الكتابة غير التدوين، فالكتابة مطلق خط الشئ، دون مراعاة لجمع الصحف المكتوبة فى إطار يجمعها، أما التدوين فمرحلة تالية للكتابة ويكون بجمع الصحف المكتوبة فى ديوان يحفظها " (٧).

أما التصنيف؛ فهو أدق من التدوين، فهو ترتيب ما دون فى فصول محدودة، وأبواب مميزة (٨).

وعلى ذلك فالسنة دونت فى نهاية القرن الأول، لكنها كانت مكتوبة ولكنها لم تصل لدرجة التدوين وهو: جمع الصحف فى دفتر. (٩).

و أول من دون العلم هو ابن شهاب الزهرى" (١٠) فهو رحمه الله أول من دون أو صنف المجموعات المكتوبة من الأحاديث.

و يقول الحافظ ابن حجر: "وأول من دون الحديث ابن شهاب الزهرى على رأس المائة بأمر عمر بن عبد العزيز، ثم كثر التدوين ثم التصنيف، وحصل بذلك خير كثير" (١١) وقال أيضاً: " اعلم، علمنى الله وإياك أن آثار النبى - صلى الله عليه وسلم - لم تكن فى عصر الصحابة، وكبار تابعيهم مدونة فى الجوامع ولا مرتبة (١٢) أ. هـ.

ومعلوم أن عمر بن عبد العزيز - رحمه الله تعالي - حينما أمر بتدوين السنة لم يبدأ ذلك من فراغ، ولكنه اعتمد على أصول مكتوبة كانت تملأ أرجاء العالم الإسلامي كله، من خلال روح علمية


(١) هو: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصارى البخارى، من سادات التابعين، ثقة عابد، مات سنة ١٢٠ هـ.٠ تقريب التهذيب (٨٠١٧).
(٢) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم ١/ ٢٣٤، والدارمى رقمى ٤٨٧، ٤٨٨.
(٣) لسان العرب ١/ ٦٩٨، وانظر: القاموس المحيط ١/ ١٢٠، ومختار الصحاح ص ٥٦٢.
(٤) لسان العرب ١٣/ ١٦٦.
(٥) تاج العروس ٩/ ٢٠٤.
(٦) لسان العرب ٩/ ١٩٨.
(٧) السنة النبوية مكانتها الدكتور عبد المهدى عبد القادر ص ٩٧.
(٨) انظر: تصدير الدكتور يوسف العش فى تقييد العلم ص ٨، وانظر: دلائل التوثيق المبكر للسنة للدكتور امتياز أحمد ص ٢٨٣، ٢٨٤.
(٩) السنة النبوية ٠ مكانتها ٠ الدكتور عبد المهدى عبد القادر ص ٩٧.
(١٠) ابن شهاب الزهرى: هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهرى، القرشى، أبو بكر، الفقيه الحافظ، متفق على جلالته واتقانه ٠ مات سنة ١٢٥ هـ ٠ له ترجمة فى: تقريب التهذيب (٦٣١٥).
(١١) فتح البارى ١/ ٢٥١ رقم ١١٣، وانظر ١/ ٢٣٥ رقم ١٠٠، وانظر: جامع بيان العلم لابن عبدالبر ١/ ٧٣، وتذكرة الحفاظ للذهبى ١/ ١٦٠، وشرح الزرقانى على الموطأ ١/ ١٤، والسنة النبوية ٠ مكانتها. للدكتور عبد المهدى ص ٩٤، ٩٨.
(١٢) هدى السارى ص ٨.

<<  <   >  >>