للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - فصل

وعند المعتزلة والقدرية لا تصح المعرفة بالله لأحد إلا بالأدلة التي رتبها المتكلمون في الجواهر والأعراض، ولا يكون المؤمن مؤمناً حتى يعرف ستة أبواب وضعها الفلاسفة وهي: معرفة الجواهر الأعراض والأجسام، واستحالة الظهور والكمون عليها (١)، واستحالة عرو الأجسام والجواهر عن الأعراض، والبقاء، والمداخلة، والمجاورة (٢).

وقد أظهر هذا الرجل بدامغه الإنكار عليّ بقولي في الرسالة: تركت الاستدلال بأدلة المتكلمين، ولا شك أن رأيه بذلك رأي أسلافه.

واعتماد أهل السنة وأصحاب الحديث في الاستدلال على الله تعالى


(١) الكمون والظهور هو من أقوال الفلاسفة الدهريين المنكرين للخالق وذلك أنهم زعموا أن الأعراض قديمة في الأجسام إلا أنها تمكن في الأجسام إلا أنها تكمن في الأجسام وتظهر فإذا ظهرت الحركة في الجسم كمن السكون وإذا ظهر السكون كمنت فيه الحركة. وقد أخذ بالكمون والظهور النظام من المعتزلة إلا أنه قال: "إن الله خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الآن، معادن، ونبات وحيوان، وإنسان، ولم يتقدم خلق آدم عليه السلام خلق أولاده غير أن الله تعالى أكمن بعضها في بعض فالتقدم والتأخر إنما يقع في ظهروها من مكامنها".
والمراد هنا باستحالة الظهور والكمون عليها هو إثبات حدوثها وخلقها. انظر: أصول الدين للبغدادي ص ٥٥، الملل والنحل للشهرستاني بهامش الفصل ١/ ٧١، شرح الأصول الخمسة ١٠٤.
(٢) أدلة المتكلمين سواء في ذلك المعتزلة أو الأشاعرة أو غيرهم على وجود الله عزوجل هو الاستدلال على حدوث العالم بحدوث الأعراض وهذا يحتاج إلى مقدمات وهي إثبات الأعراض وإثبات حدوثها ثم إثبات أنها محتاجة إلى محدث وهذا المحدث هو الله تعالى.
وقد تقدم النقل عن شيخ الإسلام ص (٩٧) أن أول من قال بهذه الألفاظ - أعني الأجسام والجواهر والأعراض هم - الجهمية وأنها ألفاظ مبتدعة لم تعرف في زمن الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان. انظر: استدلالات المتكلمين في شرح الأصول الخمسة ص ٩٢/ ٩٥، أصول الدين للبغدادي ص ٣٣ - ٦٨، الإرشاد للجويني ص ٣٩ - ٥٠، درء تعارض العقل والنقل ١/ ٣٨ - ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>