للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٨ - فصل

قد ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم شفاعة في أهل الكبائر من أمته يخرجون بشفاعته من النار، وله شفاعة في جميع الخلق في فصل الحساب، وكذلك الشفاعة للملائكة والأنبياء ولسائر العلماء.

ولكن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أعم وأكبر.

وأنكرت المعتزلة والقدرية وأهل الزيغ الشفاعة (١)، وهذا لاعتمادهم على


(١) المعتزلة والزيدية والخوارج ينكرون الشفاعة في أهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لما زعموا وتوهموه من أن الفاسق الملي لا يستحق العفو بل يجب عقابه، وزعموا أن ترك عقابه قبيح، وأن هذا العقاب يجب أن يكون الخلود في النار فيناء عليه زعموا أن الشفاعة فيه لا تجوز بل عدوها من القبيح.
وتَعجبُ من المعتزلة ومن تابعهم كيف تحكموا في فضل الله عز وجل فحدوده بحسب ما عقلوه هم من حال الإنسان وقاسوا فضل الله ورحمته بفضل الإنسان ورحمته، فأوجبوا على الله عقوبة الفاسق وحجروا فضله بتقبيحهم العفو عن الفاسق، ثم زعموا أن هذا العقاب يحب أن يكون دائما وأبدا قياسا فاسدا وقولا بالباطل، وحرموا بناء عليه أن يشفع في أهل الكبائر شافع، فحجروا واسع رحمة الله، وردوا ما ثبت من الأحاديث الصحيحة في الشفاعة تحكما وتخرصا، وإلا ماذا عليهم لو قالوا إن الفاسق ظالم وعاص ومستحق للعقوبة، والجنة والنار ملك الله وتحت تصرفه فيدخله أيهما شاء إما تفضلا أو عدلا، وإذا أدخله النار بعدله ونال جزاءه أخرجه وأدخله الجنة تفضلا منه ورحمة وهم الحكم العدل ولا معقب لحكمه الفعال لما يريد.
انظر: قول المعتزلة والزيدية في الشفاعة وتحجيرهم لواسع رحمة الله بإنكار الشفاعة في أهل الكبائر وإيجاب خلودهم في النار: شرح الأصول الخمسة ص ٦٨٧ - ٦٨٩، تاريخ الفرقة الزيدية ص ٣٢٧، مصباح العلوم بمعرفة الحي القيوم ص ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>