للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٦ - فصل

ومن الأدلة المذكورة في الرسالة قول الله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (١).

فأخبر سبحانه أنه يعلم الجهر والسر من القول لأنه خلقه.

فاعترض القدري المخالف على هذا وقال: لا حجة (٢) لهذا المستدل بهذه الآية، وقال هذا يدل على إفلاسه من العربية وفقد التمييز بين العبارة عمن يعقل وعمن لا يعقل فإن قوله: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} (٣) عبارة عن العقلاء من خلقه و (ما) عبارة عما لا يعقل، وأفعال العباد مما لا يعقل فلا تدخل تحت قوله: {مَنْ خَلَقَ} هذا نكتة قوله، ولا فائدة في إعادة سائر قوله من السفه والسخف الذي لا يلحق إلا بمن لا دين له ولا علم.

والجواب: إني وهذا المعترض كما قال الشاعر:

عليّ نحت القوافي من معادنها … وما عليَّ إذا لم تفهم البقر (٤)

مع أنه لم يكن مقصوداً بالرسالة وإنما حمله الفضول على تكلف ما لا يقوم به، ولم يفهم موضع الحجة من الآية، وذلك أنه ذهب إلى أن (من) في موضع نصب مفعول (٥)


(١) الملك آية ١٣ - ١٤).
(٢) من هنا ابتداء النسخة اليمانية للكتاب وهي نسخة الأستاذ محمد بن يحيى الحداد - رحمه الله - من مكتبته في بيته في مدينة إبّ، وقد استقبلني في بيته أحسن استقبال وفتح لي المكتبة وأذن لي في البحث والنظر وتصوير ما يصلح لي منها، فرحمه الله رحمة واسعة حيث توفي بعد رجوعي من اليمن بعدة أشهر وذلك سنة (١٤٠٧ هـ) وجزاه عني خير الجزاء وسأرمز لهذه النسخة بحرف (ح) نسبة لصاحبها.
(٣) في كلا النسختين (من يعقل) وهو خطأ ولعله سبق قلم من المؤلف.
(٤) البيت للبحتري. انظر: أخبار البحتري للصولي ص ١٦٠.
(٥) في - ح - (من يعلم).

<<  <  ج: ص:  >  >>