للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٨ - فصل

ومن الأدلة المذكورة في الرسالة لنا قوله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الآيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} (١).

(فامتن الله على المؤمنين بأنه حبب إليهم الإيمان وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان) (٢)، فلو كان فعل ذلك للكافر لم يكن لامتنانه بذلك على المؤمنين معنى.

فأجاب المخالف عن ذلك وقال: لا حجة لهذا المستدل بذلك لأن عامة ما في ذلك أنه ذكر المؤمنين ولم يذكر الكفار، فإغفال ذكرهم لا يدل على أن حكمهم مخالف لحكم المؤمنين إلا عند من لا بصيرة له ممن تمسك بدليل الخطاب وهو باطل عندنا (٣). وقوله: لو فعل ذلك للكافر لم يكن لامتنانه على المؤمنين معنى، بل فيه فائدة من وجهين:

أحدهما: أن المؤمنين أعظم انتفاعاً به من الكافر. والثاني: أنه (٤) خصهم بالذكر تعظيماً لمرهم، وإن كان الكفار قد شاركوهم في ذلك، لأن الله تعالى إنما زين الإيمان في قلوب المؤمنين بما علق به من الأحكام الشريفة (٥) والأسماء الحسنة والمدائح العظيمة في الدنيا، وبما وعد (٦) عليه من الثواب الجزيل، وقد اطلع الفار على ذلك ورغب الجميع غاية الترغيب وحسنه عند الجميع، ولذلك أسلم


(١) الحجرات آية (٧).
(٢) ما بين القوسين من - ح- وليس في الأصل.
(٣) دليل الخطاب أو مفهوم المخالفة هو الاستدلال بتخصيص الشيء بالذكر على نفي الحكم عما عداه مثل قوله عليه الصلاة والسلام في زكاة الغنم: "في سائمة الغنم زكاة" والجمهور على الاستدلال به، ورد الاستدلال به أبو حنيفة وأصحابه والباقلاني وابن سريج والقفال والشاشي وجماهير المعتزلة. انظر: نزهة الخاطر العاطر ٢/ ٢٠٣، الإحكام للآمدي ٢/ ٢١٣، الوصول إلى علم الأصول ١/ ٣٣٥.
(٤) (أنه) ليست في - ح-.
(٥) في - ح- (الشرعية).
(٦) (وعد) ليست في - ح-.

<<  <  ج: ص:  >  >>