للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٣ - فصل

استدل المخالف على مذهبه بقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} (١).

قال: ولا شك أن ضلالهم شر وقد أراده (٢)، فأي لوم على من أضاف إلى الشيطان ما أضاف الله إليه من الشر.

والجواب: أنا لا ننكر أن الشيطان يريد الشر ولا يريد الخير، وإنما الخلاف بيننا أن الله أراد كل كائن من الخلق من خير وشر، فنقول: إن الله أراد الشيطان وخلقه وأراد إرادته وخلقها فيه، وأراد إغواء (٣) إبليس فأغواه، ولهذا قال إبليس: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ} (٤) فنسب الإغواء إلى الله، وليست الآية حجة له أن الله لم يرد إرادته، بل قد دل على ذلك بآية أخرى وهي قوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (٥).


(١) النساء آية (٦٠).
(٢) المراد بهذا الشيطان.
(٣) في الأصل (غوى) وما أثبت من - ح- وهو الأصوب.
(٤) الحجر آية (٣٩) وفي - ح- كتبت (لأزينن لهم في الأرض).
(٥) الإنسان آية (٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>