للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٠ - فصل

استدل القدري بدامغه بخبر لا يعرف سنده عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يظن أنه حجة له وهو حجة لنا، وهو أنه قال: "روي أن علياً - رضي الله عنه - لما سأله الشيخ الشامي عن مسيره إلى الشام أكان بقضاء الله وقدره؟ فقال علي - رضي الله عنه -: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما قطعنا وادياً ولا علونا أكمة وتلة إلا بقضاء وقدر، فقال الشيخ: عند الله (١)، أحتسب عنائي ما أرى لي من الأجر شيئاً. فقال: علي عليه السلام: بل أيها الشيخ قد عظم لكم الأجر على مسيركم وأنتم سائرون وعلى منصرفكم وأنتم منصرفون، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليها مضطرين، فقال الشيخ: وكيف ذلك والقضاء والقدر ساقانا وعنهما كانا مسيرنا، فقال علي - رضي الله عنه -: لعلك ظننت قضاء لازماً وقدراً حتماً لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب وسقط الوعد والوعيد والأمر والنهي من الله ولما كانت تأتي من الله محمدة لمحسن ولا مذمة لمسيء، ولما كان المحسن بثواب الإحسان أولى من المسيء، والمسيء بعقوبة الذنب أولى من المحسن، تلك مقالة عبدة الأوثان وجنود الشيطان وخصماء الرحمن. إن الله أمر تخييراً، ونهى تحذيراً، وكلف يسيراً ولم يعص مغلوباً، ولم يطع مكرهاً، ولم يرسل الرسل هزلاً، ولم ينزل القرآن عبثاً، ولم يخلق السموات والأرض وعجائب الأمور باطلاً، فويل للذين كفروا، فقال الشيخ: ما القضاء والقدر اللذان ما وطئا إلا بهما؟ فقال علي - رضي الله عنه - الأمر من الله والحكم، فنهض الشيخ وهو مسرور" (٢).


(١) في النسختين (عندي) ولا معنى لها وما أثبت من المنية والأمل لابن المرتضى.
(٢) ذكر في نهج البلاغة ٤/ ١٧ طرف من هذا عند قوله: "لعلك ظننت … " إلى قوله: "ولم يخلق السموات والأرض وعجائب الأمور باطلاً" مع اختلاف في بعض الألفاظ وذكرها بطولها ابن المرتضى في المنية والأمل. انظره ضمن كتاب فرق وطبقات المعتزلة ص ٢٤٠، كما ذكرها صاحب كتب مستدرك على نهج البلاغة لمؤلفه: الهادي كاشف الغطا ص ٥٥، وعزاه في كنز العمال ١/ ٣٤٤ إلى ابن عساكر عن محمد بن زكريا العلائي عن العباس بن بكار عن أبي بكر الهذلي عن عكرمة، وقال: "والعلائي وشيخه كذابان".

<<  <  ج: ص:  >  >>