للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٥ - فصل

ومن الأدلة المذكورة لنا في الرسالة قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلام وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (١) وأخبر سبحانه أنه عم جميع الخلق بالدعاء إلى دار السلام (٢) وهي الجنة، وأخبر أن الهداية منه إلى إجابته خاصة لبعضهم (٣).

فأجاب المخالف القدري عن هذا الاستدلال وقال: لا عموم في هذا لأن قوله: (يدعو) فعل مستقل، والعموم أحد أقسام الأسماء ولا يدخل في الأفعال، وأما قوله: فإن الهداية إلى الإجابة خاصة لبعضهم فليس في الآية ما يدل على تخصيص بعض المكلفين بالهداية دون بعض، فإن أكثر ما فيها أنه يهدي من يشاء وليس فيها بيان من يشاء هدايتهم، فيحتمل أنه يريد الهداية العامة فيكون تخصيصاً للمكلفين جميعاً دون من لم يشأ تكليفه كالمجانين ومن شاكلهم، ويحتمل أنه يريد الهداية التي تختص بالمؤمنين وهي الزيادة في التوفيق والتسديد أو الثواب على ما مضى (٤).

والجواب أن يقال له: أما قولك بأنه لا عموم بقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلام} لأنه فعل (٥) فهذا يدل على إفلاسك من العربية وجهلك بأقسام العموم.

والمعنى فيما ذكر أنا لا ننكر أن قوله (يدعو) فعل مستقل يتعدى إلى مفعول وهم الخلق المدعون إلى دار السلام، والسلام: هو اسم من أسماء


(١) يونس آية (٢٥).
(٢) في الأصل (الإسلام) وما أثبت من - ح- وهو الأصوب.
(٣) انظر: تفسير ابن جير ١١/ ١٠٣، تفسير القرطبي ٨/ ٣٢٨.
(٤) انظر: ص ٢٧٥.
(٥) في - ح- فعل مستقبل).

<<  <  ج: ص:  >  >>