كتاب الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار

١٠٢ - فصل - في إثبات العلو والاستواء - إثبات الباقلاني وهو من الأشعرية للعلو والاستواء - ج: 2 - ص: 622

بلا كيفية، ولم يخلق العرش لحاجة، بل كما حكي عن ذي النون المصري (١) لما قيل له: ما أراد الله بخلق العرش؟ فقال: أراد الله أن لا تتيه قلوب العارفين ولم يخلقه لحاجته إليه، فإذا قيل للعبد المؤمن أين الله؟ قال: على العرش (٢)، وقد صرح القاضي أبو بكر الباقلاني الأشعري (٣) في التمهيد بالقول في هذه المسألة كما قال أصحاب الحديث (٤).

وأما الغزالي فخالفهم في الاقتصاد وقال: "أما رفع الأيدي في الدعاء إلى السماء فلأنها قبلة الدعاء كما أن البيت قبلة الصلاة" (٥).

---

(١) هو أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم المصري أحد المشايخ المشهورين كان حكيماً فصيحاً، توفي سنة (٢٤٥ هـ). انظر: ترجمته في البداية والنهاية ١٠/ ٣٩٣، وفي حلية الأولياء ٩/ ٢٣١.
(٢) لم أقف على هذه الحكاية عنه.
(٣) هو محمد بن الطيب الباقلاني رأس المتكلمين على مذهب أبي الحسن الأشعري قال ابن كثير: كان غاية في الذكاء والفطنة. توفي سنة (٤٠٣ هـ). البداية والنهاية ١١/ ٣٩١.
(٤) صرح الباقلاني في التمهيد ص ٣٠١ بأن الله على العرش ونفى الملاصقة والمجاورة وما ذكره في كتابه الإبانة أكثر تفصيلاً وتوضيحاً، وقد نقله عنه شيخ الإسلام والذهبي وغيرهم. ومما نقله الذهبي عن الإبانة للباقلاني قوله: "فإن قيل فهل تقولون إنه في كل مكان: قيل معاذ لله بل هو مستو على عرشه كما أخبر في كتابه فقال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وقال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} وقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} وقال: "ولو كان في كل مكان لكان في بطن الإنسان وفمه وفي الحشوش، ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة إذا خلق منها ما لم يمن ويصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض وإلى خلفنا ويميننا وشمالنا، وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه وتخطئة قائله" انتهى.
وقد نقل عنه ابن القيم أيضاً هذا وزيادة ذكر فيها رده على القائلين بأن معنى استوى استولى وبين فساد هذا القول. وقد صرح بإثبات العلو من المتكلمين متقدموهم كابن كلاب وأبي الحسن الأشعري وأبي الحسن علي بن مهدي الطبري تلميذ الأشعري وابن فورك.
وقد نقل ذلك عنهم كل من شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذيه الذهبي وابن القيم، لتقزم بذلك الحجة على منأخريهم الذين خالفوا نهج أئمتهم كالغزالي والجويني والآمدي وغيرهم الذين أخذوا قول الجهمية والمعتزلة في هذا الباب. انظر: الفتوى الحموية الكبرى ص ٥٨، العلو للذهبي ص ١٦٨، ١٧٣ - ١٧٤، اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم ص ١١١ - ١٢١.
(٥) الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي ص ٣٢، وانظر: أيضاً قواعد العقائد للغزالي أيضاً ص ١٦٥.