للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي جميع ما ذكرته دليل على أن الإسلام اسمه عام والإيمان أخص منه (١). قال الله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} (٢) فثبت الإيمان بالتوبة وهو الإقرار باللسان والتصديق بالقلب وبعمل الشرائع في الجواح (٣) على موافقة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فكان التسليم بالقلب ثمرة التسليم باللسان والجوارح (٤)، فإذا عبر بالإيمان عن تسليم القلب فكأنه عبر عن ثمرة الإيمان (٥) وإذا عبر بالإسلام عن تسليم اللسان والجوارح والقلب كان جائزاً كما يطلق اسم الشجرة على الشجرة وثمرها.

ومما يدل على أن الصلاة من الإيمان (٦) أن القبلة لما حولت من بيت المقدس إلى الكعبة قالت الصحابة - رضي الله عنهم - كيف بإخواننا الذين ماتوا وهو يصلون إلى بيت المقدس، فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (٧)، (٨) واللام في ليضيع لام الجحود نصب به الفعل المستقبل، وأراد بالإيمان هاهنا صلاتهم إلى بيت المقدس.

ومن الدليل على ما ذكرناه ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "إن الله بعث نبيه محمداً عليه السلام بشهادة أن لا إله إلا الله فلما صدق به المؤمنون زادهم الصلاة، فلما صدقوا زادهم


(١) تقدم بيان هذا ص ٧٣٥.
(٢) طه آية (٨٢).
(٣) في - ح - (وبعمل الجوارح).
(٤) الصحيح أن عمل الجوارح ثمرة التسليم بالقلب إذ هو الملك متى صلح صلح الجسد كله ومتى فسد فسد الجسد كله.
(٥) الأولى أن يقول (عبر عن أصل الإيمان وأساسه) لما تقدم من أن الاعتقاد هو الأساس وعمل الجوارح تبع للقلب في ذلك.
(٦) ابتدأ المصنف بالرد على طوائف المرجئة.
(٧) البقرة آية (١٤٣).
(٨) أخرجه خ. كتاب الإيمان (ب الصلاة من الإيمان) ١/ ١٣ من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه -

<<  <  ج: ص:  >  >>