للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل على بطلان قولهم قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} (١)، فسماهم مؤمنين بعد اقتتالهم، وقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} (٢) وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ} (٣) الآية، فسماهم مؤمنين مع إنكاره عليهم لما فعلوه، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} (٤) الآية.

واحتجت الأشعرية ومن قال إن الإيمان هو التصديق بالقلب لا غير (٥) بقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} أي بمصدق لنا، وبقول الناس: فلا يؤمن بعذاب القبر وبالشفاعة وما أشبهها، وأراد به التصديق.

والجواب: أنا لا ننكر أن هذا حد الإيمان، في اللغة (٦). وأما في الشرع فهو أشرف خصال الإيمان ولا يمتنع أن يكون للشيء اسم في اللغة واسم في الشرع، وإذا ورد في الشرع به فإنه يجب حمله على ما تقرر اسمه في الشرع كالصلاة فإنها في اللغة المراد بها الدعاء، وهي في الشرع عبارة عن هذه الأفعال المشروعة في الصلاة، وكذلك الصيام فهو في اللغة اسم للإمساك عن جميع الأشياء، وهو في الشرع اسم للإمساك عن أشياء مخصوصة، والزكاة في اللغة اسم للزيادة، وهي في الشرع اسم لأخذ شيء من المال، والحج في اللغة القصد، وهو في الشرع اسم لهذه الأفعال المشروعة، والغائط في اللغة اسم للموضع المطئمن، وفي الشرع اسم لما يخرج من


(١) الحجرات آية (٩).
(٢) الصف آية (٣).
(٣) الحجرات آية (٢).
(٤) الممتحنة آية (١).
(٥) انظر: التعليق (١) ص ٧٣٦.
(٦) تقدم التعليق على هذا ص ٧٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>