للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٤ - فصل

وعند أهل السنة والحديث أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وأهل الإيمان على مراتب ولم يكلف الله الخلق أن يعرفوه كمعرفته لنفسه، لأن معرفته لنفسه بغير دليل (١) ومعرفة الخلق له من جهة الدليل، وأقل درجة في الإيمان هي المعرفة التي لا يجامعها الشك بالله (٢)، وأكبر معارف الحلق معرفة الأنبياء لله سبحانه، والأنبياء متفاضلون بذلك قال الله تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} (٣)، وأراد في درجات المعرفة (٤)، ومعارف سائر الخلق دون معرفة الأنبياء، والمؤمنون متفاتون في المعرفة (٥) وذلك لتفاوتهم في طرق الاستدلال عليه. هذا قول السلف.

قال الغزالي: "والسلف هم الشهود العدول وما لأحد عن قولهم عدول (٦)، والإيمان (٧) يقع على التصديق بالقلب وعلى العمل، فأما زيادة العمل ونقصانه فلا إشكال فيه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون (٨)


(١) هذا التعليل لا يحتاج إليه.
(٢) تقدم التعليق على هذا. انظر: ص ٧٣٧.
(٣) الإسراء آية (٥٥).
(٤) لا يختص التفضيل بالمعرفة، فقد نص الله عز وجل على أنواع من التفصيل في قوله: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُس} البقرة: من الآية (٢٥٣)، فنص هنا على التكليم ورفع الدرجات والتأييد بروح القدس، وكذلك في الآخرة يكون التفضيل أيضاً. يدل على هذا حديث الشفاعة وأن الوسيلة مرتبة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وقال صلى الله عليه وسلم: "وأرجو أن أكون أنا هو".
(٥) تقدم بيان الفرق بين المعرفة والتصديق ص (٧٣٧) وقد نص الإمام أحمد على أن المعرفة نفسها تزيد وتنقص، فقد روى الخلال بسنده عن أبي بكر المروزي قال: "قلت لأبي عبد الله في معرفة الله عز وجل في القلب يتفاضل فيه قال: تعم، قلت: ويزيد، قال: "نعم". كتاب الإيمان للإمام أحمد ورقة ٩٥/ب.
(٦) قواعد العقائد ص ٢٦٠.
(٧) هكذا في النسختين ولعل الأولى أن يقول (والزيادة).
(٨) في - ح - (وستون).

<<  <  ج: ص:  >  >>