للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٥ - فصل

يقال للقدرية: وأي صلاح لابن آدم في خلقه وبلوغه التكليف وتعريضه لمخالفة الأمر فيستحسن العذاب الدائم.

وقد روي عن جماعة من الصحابة أنهم تمنوا بأنهم لم يكونوا شيئاً، فقالت عائشة - رضي الله عنها -: "يا ليتني كنت حيضة في بطن أمي" (١).

وقال بعضهم: "يا ليتني كنت كبشاً سميناً فذبحني أهلي وأكلوني" (٢).

وروي عن موسى عليه السلام أنه قال: "يا رب ما كان خيراً لابن آدم؟ فقال: لو لم أخلقه. قال: فبعد إذ خلقته ما كان خيراً؟ فقال: أن يموت صغيراً، قال: فبعد أن لم يمت صغيراً ما كان خيراً له؟ قال: أن يموت شيخاً كبيراً" (٣).

فأجاب المخالف القدري عن هذا بجوابين أحدهما أن قال: قد علمنا حكمة الله بأفعاله ولولا ما ظهر من أفعاله ما علينا حكمتهن فصح لحكمته وعدله أنه (٤) لم يخلقهم إلا لمصلحة ولا يضرنا ألا نعرف (٥) وجه المصلحة، كما نقول في طبيب (٦) حاذق في الطب أصابت ولده علة فدعاه إلى شرب دواء مر المذاق علم الولد نفعه وصلاحه لتلك العلة وإن لم يعلمه (٧) الولد.


(١) لم أقف على هذا اللفظ، وإنما أخرج ابن سعد في الطبقات وأبو نعيم في الحلية عنها أقوالا عديدة نحو هذا المعنى منها قولها "يا ليتني كنت نسياً منسياً"، وقولها "والله لوددت أني كنت شجرة، والله لوددت أني كنت مدرة، والله لوددت أن الله لم يكن خلقني شيئاً قط" وغيره. انظر: الطبقات ٨/ ٧٤، والحلية ٢/ ٤٥.
(٢) وروي هذا عن أبي عبيدة عامر بن الجراح - رضي الله عنه -. أخرجه عنه ابن سعد في الطبقات ٣/ ٤١٣.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) ف - ح- (أنهم).
(٥) في - ح- (أما لانعرف).
(٦) في - ح- (كما يقال في أب طبيب).
(٧) هذا في - ح- وفي الأصل (يعلم هو الولد).

<<  <  ج: ص:  >  >>