للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسمع الآن الإلزام الصحيح من الفقه عند أهل النظر والتحقيق فيه: أنه لو حلف رجل بطلاق امرأته ثلاثاً أو بعتق عبده أن لا ينظر إلى عمل زيد فنظر إلى حركات زيد في العمل أو إلى أثر عمله فإن امرأته تطلق وعبده يعتق، وإن لم ينظر العين التي عمل بها، ولو نظر إلى العين التي عمل بها زيد بعد زوال عمله بها لم يحنث باليمين في الطلاق والعتق.

وكذلك لو قال رجل: أو صيت لفلان بعمل عبدي فإن ذلك وصية بعمل العبد ولا يكون وصية بمعمولة (١)، وكذلك لو قال رجل لآخر: بعتك عمل عبدي أو أجرتك عمله بكذا وكذا من مدة، فإن ذلك عقد على عمله وهو حركته بالعمل، ولا يكون عقداً على الأعيان التي عملها العبد، وهذا لا إشكال فيه عند ذوي القرائح المستعملة في الفقه دون المتطفلين عليه.

استدل هذا المخالف على صحة تأويله في الآية بأن قال: لو كان كانت أعمال العباد خلقاً لله سبحانه لكانت الحجة لقوم إبراهيم عليه السلام؛ لأنه إذا كان التقدير والله خلقكم وعبادتكم للأصنام لكان لهم أن يقولوا: فما جرمنا ولأي معنى جئت مبعوثاً إلينا، أتريد منا أن لا يخلق الله فينا شيئاً من عبادتنا فذلك ليس إلينا من شيء، أم تريد أن تغير خلق الله فينا فتكون الحجة لهم على إبراهيم.

ولنا عن هذا أجوبة:

أحدها: أن نقول لهذا المخالف: عدمت التمييز بين مذهب أصحاب الحديث ومذهب المجبرة فأنت في استدلالاتك تخبط في عشوى، وهذا الإلزام يلزم المجبرة الذين يقولون: لا ينسب إلى العباد شيء من أعمالهم وهم كالخامة من الزرع تذهب بها الريح مرة وهكذا ومرة هكذا (٢)، ومذهب


(١) مثال ذلك أن العبد لو كان خياطاً فإن الوصية تتعلق بأجرته وكسبه، أما العين المعمول بها فليست داخلة في الوصية لأنها ليست للعبد.
(٢) تقدم بيان مذهب الجبرية ص ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>