للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال المخالف: وأما قول (١) المستدل إنه لا يسأل من الله إلا ما يجوز وقوع ضده منه، فليس الأمر كذلك، لأن الله تعالى قال: {قَالَ (٢) رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} (٣)، فأمر نبيه أن يسأله أن يحكم بالحق وإن كان ضده الحكم بالباطل.

والجواب أن يقال: إن الله أمره أن يسأله تعجيل النصفة منه (٤) بما كذبوه فقال {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَق} أي عجل حكمك بالحق ولا تؤخره، لأن لله أن يقدم ذلك وله أن يؤخره، فقتلوا يوم بدر ويوم الأحزاب ويوم أحد، ولم يسأله وهو شاك أنه يحكم بغير الحق، وإنما أمره الله أن يسأله بتعجيل ذلك منهم (٥)، كما أخبر عن نوح {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً} (٦) وقد أخبر الله عن نوح أنه قال: {وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاّ ضَلالاً} (٧)، والزيادة في الضلال عن الدين، فدل على أنه يجوز وقوع ذلك من الله.


(١) (قول) ليست في الأصل وأثبتها من - ح-.
(٢) هكذا في النسختين بصيغة الأمر (قل) وهي قراءة الجمهور، كما ذكر ذلك الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله -، وأن حفص وحده قرأ بفتح القاف واللام بينهما ألف بصيغة الماضي (قال) أضواء البيان ٤/ ٦٩٦.
(٣) الأنبياء آية (١٢٢).
(٤) هكذا الضمير يرجع إلى الله ولو كانت (منهم) لكان المعنى أتم وأوضح يعني مشركي مكة.
(٥) يؤيد هذا ما روى ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال في الآية: "لا يحكم بالحق إلا الله ولكن إنما استعجل بذلك في الدنيا يسأل ربه على قومه". وروى ابن جرير عن قتادة أنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا شهد قتالا قال: "رب احكم بالحق". تفسير ابن جرير ١٧/ ١٠٨.
(٦) نوح آية (٢٦).
(٧) نوح آية (٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>