للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٠ - فصل

دليل لنا مذكور في الرسالة يقال لهم: خلق الله أحسن أم خلقكم، فإن قالوا: خلقنا، بان كفرهم وكانوا محجوجين بقوله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (١) وبقوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ} (٢) وإن قالوا: خلق الله، أحسن من خلقهم، قيل لهم: فالعذرة والقردة أحسن من إيمان محمد - صلى الله عليه وسلم- ومن إيمان الملائكة وسائر المؤمنين؛ لأن العذرة والقردة من خلق الله، وإيمان النبي والملائكة والمؤمنين من خلقهم على زعمكم، وهذا كفر من أي وجه صرفوه.

فأجاب هذا المخالف وقال: إن أراد المستدل بالحسن هاهنا وفي الاستدلال قبله (٣) جمال الصور واتساق التركيب فلا شك أن أفعال العباد لا تشارك أفعال الله بذلك وكيف تساويه أو تزيد عليه، وإن أراد بالحسن هاهنا ما يضاد القبيح من أحكام الأفعال فلا شك أن طاعات العباد حسنة والحسن هاهنا لايتزايد (٤).

والجواب أنا نقول لهذا المخالف: يكفينا في الإلزام موضع واحد، فإن قلنا أردنا أحسن في التصوير واتساق التركيب فكيف يكون التصوير والتركيب في العذرة والقردة أحسن من التصوير والتركيب من صلاة النبي -


(١) المؤمنون آية (١٤).
(٢) السجدة آية (٧) وهذه الآية في الأصل وفي - ح- {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} وهو خطأ ولعل المصنف - رحمه الله - أخطأ في إيراد هذه الآية وتابعه عليها النساخ وقد مرت فيما سبق هذه الآية بنفس اللفظ المغلوط فتكون اشتبهت بآية سورة طه {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} آية (٥٠).
(٣) يقصد بذلك ما أورده في أول الفصل السابق من عند قول المصنف: "وإن ادعيتم الاستبداد بخلق الفعل كله - إلى قوله وأدى إلى تكذيب قوله تعالى فيما مدح به نفسه بأنه أحسن الخالقين".
(٤) يقصد هنا أن يقول: إن طاعات العباد حسنة وكذلك خلق الله حسن وأن الحسن مرتبة واحدة ليس فيه ما هو أعلى وأدنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>